صرخة في أروقة البرلمان: النائب أعنان يطالب بإصلاح جذري للدخول المدرسي 2025/2026

الرباط – خاص لجيل24 – 14 أكتوبر 2025

في أجواء مشحونة بالقلق الاجتماعي، أطلق النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، عمر أعنان، مداخلة حادة أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بالبرلمان، تُناقش فيها موضوع الدخول المدرسي للموسم 2025/2026. وخلال الاجتماع الذي عقد اليوم، رسم أعنان لوحة قاتمة للواقع التعليمي المغربي، معتبرًا أن “الدخول المدرسي مرآة لواقع متعثر”، وداعيًا إلى إصلاح حقيقي يستجيب لصرخة جيل “Z” الشاب الذي يطالب بمدرسة عمومية تُعيد لها دورها كرافعة للعدالة الاجتماعية.

بدأ أعنان مداخلته بمشهد درامي يلخص معاناة الأسر المغربية: “في صباح الدخول المدرسي، نرى تلميذًا يجرّ محفظته القديمة بيدٍ، ويمسك بيد أمه باليد الأخرى، يسير منهكًا في غياب النقل المدرسي، عائدًا إلى مدرسته بعد عطلةٍ صيفيةٍ لم ينل منها نصيبه”. وأضاف أن هذا المشهد “يلخّص الواقع الاجتماعي الذي يرافق كل دخولٍ مدرسي: تلميذٌ فاقدٌ للأمل، وأسرةٌ مثقلةٌ بالهموم، ومدرسةٌ تُستقبل كعبءٍ لا كأفقٍ للارتقاء”. وفي سياق يعكس الضغوط الاقتصادية المتزايدة، أشار إلى “عجز والديه عن تلبية متطلبات الدراسة، وقد أنهكتهم تكاليف العيش والعلاج والسكن”، مشيرًا إلى إحباط الأجيال الشابة العاطلة عن العمل.

ووجه أعنان انتقاداته الحادة إلى المنظومة التعليمية، التي يصفها بأنها تعاني “من الاختلالات البنيوية المتراكمة: اكتظاظ، هشاشة البنيات، خصاص في الأطر، ضعف التنسيق والتخطيط، وغياب العدالة المجالية بين الوسطين القروي والحضري”. وطالب بتعليم “جيد، بمدارس مؤهلة لا مكتظة، وبمناهج تواكب روح العصر، تُنمّي مهارات التفكير النقدي، والتكنولوجيا، واللغات”، متسائلًا: “فهل ستستمع الحكومة لصوت جيلٍ بأكمله يطالب بتعليمٍ يليق بكرامته وطموحاته؟”

في تعليقه على عرض الوزير، أثنى أعنان على “المعطيات المهمة والإجراءات” المتعلقة بتنزيل خارطة الطريق 2022-2026، لكنه سجّل “بقلقٍ استمرار الفجوة بين التصوّر والتنفيذ”. وأبرز مشروع “مدارس الريادة” كمثال، معتبرًا إياه “محدود الأثر ما دامت تحيط به مؤسسات تعاني ضعف التأطير والتجهيز”، مشيرًا إلى تقارير تكشف “نقص في الإنصاف، وتفاوتات جهوية، وضعف في الوسائل والتأطير والمتابعة”. وأضاف أن “التركيز على التجهيزات المادية يطغى أحيانًا على جوهر الإصلاح التربوي، أي المحتوى، الكفاءات، المنهجية، وبيئة العمل”، محذرًا من أن التعميم السريع قد يؤدي إلى “تراجع الجودة وضعف الاستدامة”.

كما سلط الضوء على أوراش أخرى واعدة مثل التعليم الأولي، تدريس اللغات، والرقمنة، لكنه أكد أنها تواجه “صعوبات هيكلية تتعلق بضعف التكوين والموارد، وغياب رؤية مندمجة”. ودعا إلى “الاستثمار في الإنسان وتحفيز نساء ورجال التعليم ماديًا ومهنيًا، وتأهيل المدارس خصوصًا في العالم القروي، ومراجعة المناهج بما يعزز التفكير النقدي والذوق الجمالي”.

وفي نقد لاذع للمناهج الحالية، استشهد أعنان بنصوص “سطحية” في كتاب التربية الفنية للسنة الرابعة ابتدائي، مثل “يقوم بحركات بسيفه باه! بام! باق! طراق! طرطلاق! ساق! سرملاق! زداف! زدردلاف…”، متسائلًا: “فهل بمثل هذا المحتوى التافه نُكوّن جيل الريادة؟ أين القيم الجمالية، والخيال المبدع، والذوق الفني؟”، وختم بصرخة ساخرة: “فلنصرخ وننادي ‘وا بوكمخاه !!!!'”.

أما عن الإجراءات الجديدة لتدبير الدخول المدرسي، فقد أثنى على إطلاق الرقم الأخضر، وإحداث خلية مشتركة مع الأكاديميات الجهوية، ولجنة مركزية لتتبع الكتب المدرسية، لكنه حذّر من تكرار “نقصٍ حاد في الكتب واللوازم التعليمية” كما حدث في الموسم الحالي، مشيرًا إلى سؤال كتابي وجّهه سابقًا للوزير ولم يتلقَ إجابة عليه بعد، مما “عرقل انطلاق الدراسة وأخلّ بمبدأ تكافؤ الفرص”.

وربط أعنان مداخلته بخطاب جلالة الملك محمد السادس أمام البرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، الذي ركّز على “ثلاثية جوهرية: النهوض بالتعليم، وتعميم الولوج إلى الصحة، وتوفير فرص الشغل للشباب”. واعتبرها “لبَّ المشروع المجتمعي الاتحادي”، مؤكدًا أن “أزمة التعليم أعمق من أن تُختزل في اختلالات تدبيرية”، بل هي “نتاج تراكم تاريخي لاختيارات اقتصادية واجتماعية”، وداعيًا إلى “رؤية وطنية جماعية” تشمل البرلمان، الأحزاب، الجماعات الترابية، النقابات، والمجتمع المدني.

وختم أعنان قائلًا: “إننا في الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية نؤمن بأن إصلاح المدرسة المغربية لن يتحقق إلا عبر تفعيل المرجعيات القوية كالميثاق الوطني والرؤية الاستراتيجية 2015–2030، بما يضمن مدرسة عمومية منصفة تُحقق الارتقاء الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين أبناء الوطن”.

تأتي هذه المداخلة في وقت يشهد فيه الدخول المدرسي تحديات متزايدة، وسط توقعات بأن يصل عدد المتعلمين إلى أكثر من 8 ملايين طفل، مما يعزز الحاجة إلى إصلاحات عاجلة لاستعادة الثقة في المنظومة التعليمية. ومن المتوقع أن تثير مداخلة أعنان نقاشات حية في اللجنة، مع ردود متوقعة من الوزير والنواب الآخرين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!