سقطة أخرى للناطق الرسمي

محمد عصام
يقول المثل المغربي “قاليه: واش كتعرف العلم قاليه: كنعرف نزيد فيه”
هذا المثل ينطبق حرفيا على الناطق الرسمي باسم الحكومة، وهو يتفاعل مع سؤال صحفي يتعلق بما صرح به الأمين العام للحكومة بأنه لم يتوصل إلى حدود الساعة بأي مخطط تشريعي من طرف الحكومة، وعوض أن يجيب الناطق الرسمي عن ما الذي يحول بين الحكومة وتقديم مخططها التشريعي، فضل الهروب إلى الأمام، وقال بأن الحكومة مسؤولة فقط أمام البرلمان عن تنفيذ البرنامج الحكومي !!!
والحال أن لا أحد سأل الناطق الرسمي عن البرنامج الحكومي ولا عن تنفيذه ولا عن مسؤولية البرلمان في الرقابة بخصوص تنفيذه من عدمه، ولا أحد قال بأن المخطط التشريعي يعتبر مقتضى دستوريا أو حتى لمح لذلك!!!
المخطط التشريعي هو وثيقة والتزام أخلاقي يحدد الأجندة التشريعية للحكومة وفق تصور ورؤية واضحة، بطبيعة الحال تنسجم مع أهداف وطموحات البرنامج الحكومي، وتعمل على “أجرأة” التزاماته على المستوى التشريعي، وتضع آجالا تلزم نفسها بالانضباط لها.
أما الإصرار على عدم إخراج المخطط التشريعي فهو مظنة عدم وضوح الرؤية وضبابيتها، والرغبة في العيش في الضبابية والعشوائية، وانصراف عن ممارسة فضلى كان الأولى العض عليها بالنواجذ، ومواصلة الاشتغال بها كما في السابق.
الناطق الرسمي قال أيضا أن بإمكان البرلمان تلمس الأداء التشريعي للحكومة من خلال مجالس الحكومة التي يُصادق فيها على المراسيم وتجاز فيها مشاريع القوانين، ونحن نقول له البرلمان ليس في حاجة إلى أن يتلمس أداء التشريعي للحكومة، بل هي المطالبة بالخضوع لآلياته الرقابية في مراقبة تشريعها، والكلمة الفصل في التشريع بيده وتعود إليه، فهو في النهاية من يجيز أو لا يجيز القوانين، وهذا بمقتضى الدستور وهو من باب السماء فوقنا، ولسنا في حاجة إلى وجود ناطق رسمي لنعرف موقع كل سلطة وحدودها وعلاقتها ببقية السلط.
في علاقة بما سبق
حضر الوزير السكوري ندوة الناطق الرسمي وقال “بالنسبة للمقارنة بين نتائج الحوار الاجتماعي في ظل الحكومة الحالية وما تحقق سابقا، لا مجال للمقارنة مع وجود الفارق، وأضاف العرض الحالي متكامل، لأنه يلزم الحكومة بلقاء النقابات وهذا لا ثمن له !!!!!!!!!
صحيح أنه لا وجه للمقارنة فهذا أهزل اتفاق اجتماعي في تاريخ المغرب باعتراف الوزير نفسه الذي أقر بأن كلفته لا تتعدي 3،5 مليار درهم بالنسبة للمالية العمومية، ويكفي أن نعرف فقط أن حكومة ابن كيران تحملت 13 مليار درهم سنويا لتنفيذ مقتضيات اتفاق 26 أبريل ليتضح الفارق وبجلاء.
أما اعتباره اللقاء مع النقابات إنجازا وأنه لا يقدر بثمن، فهذا من باب الضحك على الذقون “وتبياع العجل” فمنذ متى كانت اللقاءات هدفا للعمل النقابي ومكسبا يسجل في صحيفة المكاسب، بل هي لا تعدو أن تكون وسيلة من الوسائل قد تؤتي أكلها حينا وقد لا تفلح أحيان أخرى، وقد يُلجأ إلى غيرها من الوسائل، كما أن الحكومات التي تحترم نفسها ليست في حاجة إلى اتفاق لتلزم نفسها بلقاء النقابات، فهذه الأخيرة بقوة القانون شريكة اجتماعية والحوار معها التزام أخلاقي وسياسي لا يحتاج إلى هذا تلفيق .. الحاصول: “هزلت” !!!