رشيد لبكر: الأحزاب مسؤولة عن التصرفات غير القانونية التي تصدر ممن منحتهم ثقتها

العديد‭ ‬من‭ ‬المنتخبين‭ ‬يتابعون‭ ‬قضائيا‭ ‬بسبب‮ ‬‭ ‬مخالفة‭ ‬والخروج‭ ‬عن‭ ‬القانون،‭ ‬هذا‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬من‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية؟‭ ‬الأحزاب‭ ‬أم‭ ‬المواطن؟‭ ‬

أعتقد‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬مهم،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬المتابعات‭ ‬التي‭ ‬تطال‭ ‬اليوم‭ ‬بعض‭ ‬القيادات‭ ‬الحزبية‭ ‬بتهم‭ ‬الفساد،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يعتبر‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬لا‭ ‬تخص‭ ‬إلا‭ ‬المتهمين‭ ‬المتابعين‭ ‬فيها،‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬للأحزاب‭ ‬بها،‭ ‬لكن،‭ ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬شخصية‭ ‬وسياسية،‭ ‬لا‭ ‬انظر‭ ‬إلى‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية،‭ ‬بل‭ ‬أعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المتابعات‭ ‬هي‭ ‬تحصيل‭ ‬حاصل‭ ‬ونتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬لظاهرة‭ ‬إقدام‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬أبوابها‭ ‬لمن‭ ‬يدفع‭ ‬أكثر،‭ ‬وليس‭ ‬لمن‭ ‬هدفه‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‮ ‬‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬ويعشق‭ ‬النضال‭ ‬وتمثيل‭ ‬إرادة‭ ‬المواطنين،‭ ‬فما‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬حصاد‭ ‬لما‭ ‬تم‭ ‬زرعه‭ ‬بالأمس،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الإدعاء‭ ‬بأن‭ ‬المتابعات‭ ‬تهم‭ ‬أصحابها‭ ‬فقط،‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأحزاب‭ ‬ثابتة‭ ‬والسؤال‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬طرحه،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بأحزاب‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬مبادئ‭ ‬ومرجعيات‭ ‬وأهداف،‭ ‬واعتبار‭ ‬أمام‭ ‬المواطنين‭.. ‬وبالتالي‭ ‬فالاحزاب‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬التصرفات‭ ‬غير‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬ممن‭ ‬منحتهم‭ ‬ثقتها‭ ‬ونصبتهم‭ ‬في‭ ‬المراتب‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭.‬

إن‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬ثابتة‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بهذه‭ ‬التصرفات‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬لأن‭ ‬المبدأ‭ ‬يقتضي،‭ ‬حسب‭ ‬علمي‭ ‬المتواضع،‭ ‬أن‭ ‬الأحزاب‭ ‬مطالبة‭ ‬أخلاقيا‭ ‬بعدم‭ ‬منح‭ ‬المراتب‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬مؤسساتها،‭ ‬إلا‭ ‬لمن‭ ‬تدرجوا‭ ‬عبر‭ ‬جميع‭ ‬هياكلها،‭ ‬وتربوا‭ ‬وناضلوا‭ ‬وضحوا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحزب‭ ‬حتى‭ ‬تلبسوا‭ ‬به‭ ‬وتشربوا‭ ‬مرجعياته‭ ‬وصار‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬ذواتهم‭ ‬وأثبتوا‭ ‬إخلاصهم‭ ‬له‭ ‬وكفاءتهم‭ ‬الفكرية‭ ‬والعملية‭ ‬فيه،‭ ‬بل‭ ‬أكاد‭ ‬أقول‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬أصبحوا‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬سمعة‭ ‬الحزب‭ ‬الذين‭ ‬ينتمون‭ ‬إليه‭ ‬تماما‭ ‬مثلما‭ ‬يدافعون‭ ‬عن‭ ‬سمعتهم،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المبدأ‭. ‬لذلك‭ ‬فقلما‭ ‬تجد‭ ‬مناضلين‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬ملاحقين‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬التهم،‭ ‬إذن‭ ‬فمسؤولية‭ ‬الحزب‭ ‬هنا‭ ‬قائمة،‭ ‬مادام‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬ذراعه‭ ‬لكل‭ ‬شاردة،‭ ‬وقد‭ ‬رأينا‭ ‬كيف‭ ‬أسقط‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الطينة‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬ومنحتهم‭ ‬التزكية‭ ‬لتمثيلها‭ ‬في‭ ‬الإنتخابات،‭ ‬بل‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬صعد‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مراتب‭ ‬المسؤولية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ابنا‭ ‬شرعيا‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬جدير‭ ‬بتمثيلها‭ ‬حقا‭.. ‬وبالتالي‭ ‬فلا‭ ‬يمكنها‭ ‬حاليا‭ ‬أن‭ ‬تتنصل‭ ‬من‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬المعنوية‭ ‬والأدبية‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬المتابعات،‭ ‬واملي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬عبرة‭ ‬لكل‭ ‬الأحزاب‭ ‬كي‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬آليات‭ ‬اشتغالها‭ ‬وفي‭ ‬كيفية‭ ‬تصريف‭ ‬التزاماتها‭ ‬السياسية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬إزاء‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭ ‬وألا‭ ‬يكون‭ ‬هدفها‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المقاعد،‭ ‬بل‭ ‬الهدف‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬قلوب‭ ‬الجماهير،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬النبيل،‭ ‬الإتكاء‭ ‬على‭ ‬منطق‭ ‬الغاية‭ ‬تبرر‭ ‬الوسيلة،‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬يسجل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬حبل‭ ‬الكذب‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬قصير‭ ‬جدا،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬استفحلت‭ ‬مع‭ ‬كامل‭ ‬الأسف،‭ ‬هو‭ ‬العزوف‭ ‬عن‭ ‬الفعل‭ ‬السياسي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وعلى‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الإنتخابات‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬لذلك‮ ‬‭ ‬فما‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬تحصيل‭ ‬حاصل‭ ‬ومخرجات‭ ‬طبيعية‭ ‬لعمل‭ ‬حزبي‭ ‬غير‭ ‬سوي‭.‬

نعم،‭ ‬أنا‭ ‬أؤمن‭ ‬بجدوى‭ ‬الأحزاب‭ ‬ولا‭ ‬أتصور‭ ‬وجود‭ ‬ديمقراطية‭ ‬حقيقية‭ ‬بدونها،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬هو:‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬المراهنة‭ ‬عليها؟‭ ‬هل‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬تتنافس‭ ‬لخدمة‭ ‬الشعب‭ ‬أم‭ ‬التي‭ ‬تتسابق‭ ‬للاستحواذ‭ ‬على‭ ‬المقاعد،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬هذين‭ ‬الجوابين،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يحدد‭ ‬مدى‭ ‬المسافة‭ ‬التي‭ ‬ستفصلنا‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬بمفهومها‭ ‬الحقيقي:‭ ‬السياسة‭ ‬الراعية‭ ‬وليست‭ ‬السياسة‭ ‬الإسترزاقية‭.‬

طبعا،‭ ‬لا‭ ‬أنفي‭ ‬مسؤولية‭ ‬المواطن‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يستحضر‭ ‬مسؤولية‭ ‬التصويت‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬الإقتراع،‭ ‬إذ‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬سيتحمل‭ ‬نتيجة‭ ‬اختياره‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬المطاف،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬لدي‭ ‬بعض‭ ‬التحفظ،‭ ‬فأنا‭ ‬أحمل‭ ‬المواطن‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬مستوعب‭ ‬لأهمية‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬ومدرك‭ ‬لقدسية‭ ‬الإنتخاب‭ ‬ولجسامة‭ ‬مسؤولية‭ ‬التمثيل‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬في‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الراقية،‭ ‬حيث‭ ‬تناهز‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الإنتخابات‭ ‬الثمانين‭ ‬بل‭ ‬التسعين‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬هنا‭ ‬تكون‭ ‬لمسؤولية‭ ‬المواطن‭ ‬منطق‭ ‬يحكمها،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬نصف‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬يحق‭ ‬عليهم‭ ‬التصويت‭ ‬إلا‭ ‬بمشقة‭ ‬الأنفس‭ ‬وبطرق‭ ‬يختلط‭ ‬فيها‭ ‬القانوني‭ ‬بغير‭ ‬القانوني،‭ ‬هنا‭ ‬يصبح‭ ‬طرح‭ ‬سؤال‭ ‬مسؤولية‭ ‬المواطن‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬معنى،‭ ‬لأن‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬غائب‭ ‬أو‭ ‬مقاطع‭ ‬أو‭ ‬مخاصم‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي،‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬غائبا‭ ‬عن‭ ‬قناعة،‭ ‬فذاك‭ ‬موقف‭ ‬يحمل‭ ‬رسالة،‭ ‬وهو‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬إلا‭ ‬نسبة‭ ‬قليلة‭ ‬جدا‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تمثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭.‬

أما‭ ‬الفئة‭ ‬الثانية‭ ‬فمقاطعة‭ ‬ولكنها‭ ‬لا‭ ‬تدري‭ ‬حتى‭ ‬لماذا‭ ‬هي‭ ‬مقاطعة‭ ‬؟فالسياسة‭ ‬في‭ ‬ذهنها‭ ‬قضية‭ ‬غائبة‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬اهتمامها؛‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬الطامة،‭ ‬وحتى‭ ‬الأحزاب‭ ‬لا‭ ‬يهمها‭ ‬كثيرا‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬تراهن‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الكتلة‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الإنتخابات‭ ‬وتضمن‭ ‬بها‭ ‬وجودها‭ ‬وبقاءها،‭ ‬لذلك‭ ‬هي‭ ‬تجد‭ ‬ضالتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الكتلة‭ ‬بل‭ ‬وتراهن‭ ‬عليها،‭ ‬لأنها‭ ‬الكتلة‭ ‬المستعدة‭ ‬لبيع‭ ‬مواقفها،‭ ‬عن‭ ‬وعي‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬وعي‭ ‬لأسباب‭ ‬يطول‭ ‬شرحها،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬أسباب‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمشاكل‭ ‬الجهل‭ ‬والفقر‭.‬

أما‭ ‬بخصوص‭ ‬الفئة‭ ‬الثالثة‭ ‬فهي‭ ‬من‭ ‬المنتمين‭ ‬حزبيا‭ ‬وبالتالي‭ ‬فمشاركتها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بهذا‭ ‬الالتزام‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬مراميه‭ ‬وأهدافه،‭ ‬وأخيرا‭ ‬هناك‭ ‬الفئة‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬مازال‭ ‬الأمل‭ ‬يحذوها‭ ‬في‭ ‬التغيير،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فوفاء‭ ‬لقناعتها‭ ‬بواجب‭ ‬المشاركة،‭ ‬تشارك‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬انتظاراتها‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬ضئيلة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليها‭.‬

يمكنني‭ ‬القول‭ ‬إذن،‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬المتناقضة‭ ‬هي‭ ‬حصيلة‭ ‬تنشئة‭ ‬سياسية‭ ‬ضعيفة‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬ثقافة‭ ‬سياسية‭ ‬متطورة‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تدخلنا‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬التنمية‭ ‬السياسية‭ ‬المتطورة‭ ‬حيث‭ ‬الجميع‭ ‬يكون‭ ‬مقتنعا‭ ‬بأهمية‭ ‬الفعل‭ ‬السياسي‭ ‬وراهنيته‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الموقع‭ ‬الذي‭ ‬يتجسد‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭.‬

2‭. ‬كخلاصة‭ ‬يمكنني‭ ‬القول،‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬المتناقضة‭ ‬هي‭ ‬حصيلة‭ ‬تنشئة‭ ‬سياسية‭ ‬ضعيفة‭ ‬وغير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬ثقافة‭ ‬سياسية‭ ‬متطورة‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تدخلنا‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬التنمية‭ ‬السياسية‭ ‬المتطورة‭ ‬حيث‭ ‬الجميع‭ ‬يكون‭ ‬مقتنعا‭ ‬بأهمية‭ ‬الفعل‭ ‬السياسي‭ ‬وراهنيته‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الموقع‭ ‬الذي‭ ‬يتجسد‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭.‬

وكخلاصة،‭ ‬يمكنني‭ ‬القول‭ ‬إجمالا،‭ ‬إن‭ ‬المسؤولية‭ ‬اتجاه‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬الحزب‭ ‬والمواطن،‭ ‬وإن‭ ‬كنت‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬منها‭ ‬تتحملها‭ ‬الأحزاب،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬توضيحه،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أنفي‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدولة‭ ‬أيضا،‭ ‬فالديموقراطية‭ ‬ليس‭ ‬تطبيقا‭ ‬لنصوص‭ ‬القانون‭ ‬فقط‭ ‬وتجميع‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تصريح‭ ‬بتأسيس‭ ‬حزب،‭ ‬بل‭ ‬الديموقراطية‭ ‬هي‭ ‬أيضا‭ ‬مرجعية‭ ‬فكرية‭ ‬ومشروع‭ ‬وطني‭ ‬والتزام‭ ‬أخلاقي،‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬اعتقد‭ ‬ان‭ ‬تفريخ‭ ‬الأحزاب‭ ‬أساء‭ ‬للديموقراطية‭ ‬ولوث‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬مع‭ ‬الأسف،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الأحزاب‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬بتأهيل‭ ‬آليات‭ ‬اشتغالها‭ ‬وتطهير‭ ‬صفوفها‭ ‬من‭ ‬”المظليين”‭ ‬والانتهازيين‭ ‬والشعبويين،‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى،‭ ‬مطالبة‭ ‬بالارتقاء‭ ‬بأدوات‭ ‬التنشئة‭ ‬الحقيقية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬المدرسة‭ ‬والثانوية‭ ‬والجامعة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننفي‭ ‬مسؤولية‭ ‬الإعلام‭ ‬كذلك‭ ‬وتلك‭ ‬قضية‭ ‬أخرى‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى