رسـالــة بـاريــسْ : الــجزائــر وعـــلاقــتــها الــســريــة مـــع إســـرائــيــل (الــحــلـقـة :3)

مـحـمـد سـعــدونــي.
اتصل جزائري – هاتفيا- بالصحفي التونسي المعروف صالح الأزرق وسأله إذا كان يوجد يهود في تونس ؟ في جوابه، الصحفي التونسي أصابته حيرة في طريقة الرد على سؤال الجزائري والذي يبدو إما أنه سطحيي المعرفة والثقافة والاطلاع بحكم رضاعته من إعلام الخـــرطي العسكري الجزائري والذي نجح في تدجين و”تـَـضْبـيع “أجيال وأجيال من الجزائريين، أو أن سؤال الجزائري هذا ينم عن خبث ثقافة الازدراء والاستهزاء من الآخر التي تربى عليها الكثير من الجزائريين المتشبعين بالسلوك البومديني البوخروبي البوتفليقي خاصة اتجاه المغرب وتونس …
عـــداء الجزائر لإسرائيل زائــف ولا أثر له على القضية الفلسطينية :
ما زال المثقفون الجزائريون المقيمون في باريس، المعارضون للحكم العسكري في الجزائر منذ 1962 يتبادلون أطراف الحديث والنقاش، ويتحدثون بمرارة في مجالسهم عن الروائي الجزائري المعروف ” بــوعلامْ صَـنْـصـالْ “، والذي ذاع صيته في الأوساط النافذة، حينما زار مدينة القدس سنة 2012، ووقف يتأمل الآثار والتاريخ أمام “حائــط المبكى ” مرتديا قبعة “كيـبــاهْ ” على غرار اليهود الأرثدوكس، والذي تمت استضافته في بيت أحد الإسرائيليين، بحضور مجموعة من المثقفين والفنانين الإسرائيليين والذين ظلوا يحاورونه لمدة قاربت الساعتين حول ما حدث ويحدث في الجزائر …وحول سياستها اتجاه إسرائيل ، خلالها لم يخلُ كلام وحديث الروائي الجزائري الضيف من التهكم والتندر على مواقف بلده، ممزوجة بقصص ووقائع مثيرة وخطيرة، عايشها خاصة عندما كان موظفا بوزارة الصناعة الجزائرية والتقائه سرا بوزير إسرائيلي في تسعينات القرن الماضي، وحسب ما رواه بوعلام صنصال، فإن الوزير الإسرائيلي – خلال لقائهما – عرض عليه آنذاك إقامة 500 مشروع استثماري إسرائيلي بالجزائر في صفقات سرية للغاية ، وأن اسم ” إسرائيل” يظل طي الكتمان،و هذه الاستثمارات ستكون تحت أسماء شركات غربية لتسهيل تمريرها.
ويقول هؤلاء المثقفون الجزائريون المدافعون عن فلسطين ، أن مقولة بوخروبة :”نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، هي للاستهلاك الإعلامي ، فقد أفادت أخبار مؤكدة أنه تمت الموافقة على الكثير من الاستثمارات الإسرائيلية على أرض الجزائر، في حكومة تضم العديد الوزراء الجزائريين من جذور يهودوية، وهي الحقيقة التي يحاول النظام الجزائري إخفاءها عن الشعب الجزائري المغلوب على أمره، وإلا كيف نفسر مبادرة مصافحة بوتفليقة – بحرارة – لرئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في جنازة الملك العظيم الحسن الثاني رحمه الله، تحت أعين ملوك ورؤساء العالم ولم تستنكرها المعارضة الجزائرية وأحباء فلسطين (…)،ومرت مرور الكرام على الشعب الجزائري المدجن.
غالبية الجزائريين السذج والمغفلين يوجهون الشتائم والانتقادات لنا نحن المغاربة كوننا يحكمنا اليهود وأن المغرب مقاطعة فرنسية، بخلاف الجزائر التي هي البلد العربي الوحيد الذي لم يطبع مع إسرائيل، ونحن لا نحتاج إلى المزيد من الإشارات والحقائق على أن نظام الحركي الجزائري الغاشم يتاجر إعلاميا وفي العلن بالقضية الفلسطينية من أجل تضليل الرأي العام الداخلي، ويتآمر عليها في السر ليرضي المجتمع الغربي وساسته.
الــجــزائـــــر وعــقــدة الــيــهــود :
أما قضية روابط اليهود المغاربة بوطنهم المغرب فهي واضحة وتاريخية ودينية وثقافية، وضاربة في التاريخ، بفضل التعايش المبني على التسامح والاحترام بين مكونات الشعب المغربي بكل أصنافه وأطيافه عبر تاريخ المغرب المجيد ، أما حب اليهود للمغرب فهو نابع أولا من مغربيتهم، وكذلك من التوقير والاحترام والحماية التي وجدوها في المغاربة والملوك المغاربة، فقد رفض السلطان محمد الخامس طيب الله ثراه التوقيع والموافقة لسطات حكومة “فيشي” الفرنسية والموالية لهتلر على ترحيل يهود المغرب نحو معسكرات الاعتقال في أوروبا، وتقديرا لهذه المواقف النبيلة فإن يهود العالم المغاربة يتشبثون بالمغرب ويدافعون عن وحدته الترابية، وهو ما يغيض كبرانات فرنسا في الجزائر
في سنة 1992 أرسل المرحوم الحسن الثاني زرابي وتجهيزات أخرى (وهو رئيس لجنة القدس ) إلى مدينة القدس ، وهي الشحنة التي وافقت عليها السلطات الإسرائيلية ، المبادرة الملكية تطرقت لها مجلتا : actualité juif/ chronique juif الصادرتان في باريس ، نفس الخبر أعادت نشره جريدة القدس نقلا عن المجلتين الفرنسيتين، في السنوات الأخيرة أرسلت الجزائر معونات لحماس، رفضتها إسرائيل ومنعتها من الوصول إلى غزة. الجزائر احتجت بشدة على دول أفريقية فتحت قنصليات لها في الصحراء المغربية، الخارجية الجزائرية استدعت سفراء هذه الدول وقدمت لهم احتجاجات شديدة اللهجة، لكن الجزائر بلعت لسانها ” ضَرْبـَـتْ الطَّـــمْ ” عندما نقل الرئيس ترامب سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس واكتفى إعلام الشيتة الجزائري بنشر تنديدات فارغة وباهتة .
- يتبع-