رسالة الستين… من يمثل من؟

افتتاحية جريدة “جيل” ــ كتبها المصطفى العياش
في الوقت الذي يعبّر فيه الشباب المغربي بطرق سلمية ومسؤولة عن طموحاته ومطالبه الاجتماعية المشروعة، خرجت إلى العلن رسالة موقّعة من طرف ستين شخصية، وُجِّهت مباشرة إلى جلالة الملك محمد السادس، في ما اعتبره كثيرون محاولة لتأطير الحراك الشبابي خارج المؤسسات الشرعية.
الرسالة، التي تبنّت لغة التوجيه والمطالبة بتغيير عميق في مقاربة الدولة، لا يمكن النظر إليها كخطوة شجاعة أو مبادرة وطنية كما روّج بعض الموقّعين، بل كتحرّك انتقائي ومفتعل يهدف إلى صناعة صورة غير دقيقة عن واقع بلد يسير، رغم الصعوبات، في طريق الإصلاح المتراكم والرصين.
من أعطى الستين صفة “الناطق باسم الأمة”؟
في دولة دستورية تحكمها مؤسسات منتخبة، من المجالس المحلية إلى البرلمان، لا يمكن لأي مجموعة – مهما كان عددها أو شهرتها – أن تدّعي الحديث باسم المغاربة.
المغرب ليس بياناً ولا عريضة، بل وطن متعدّد في فكره، متنوّع في طبقاته، متماسك في وحدته. ومن الخطأ السياسي والأخلاقي أن تُختزل إرادة الملايين في توقيعات معدودة تسعى للظهور بمظهر “الضمير الوطني”.
بين النقد المسؤول والتسييس المقنّع
ما جاء في الرسالة من توصيفات سوداوية لمشهد البلاد لا يعكس حقيقة الجهود المبذولة في مجالات التنمية، ولا حجم الأوراش التي يشرف عليها جلالة الملك، من تعميم الحماية الاجتماعية إلى إصلاح التعليم وتشجيع المبادرة الخاصة.
إن النقد البنّاء مرحّب به، لكن عندما يتحوّل إلى تأزيم متعمّد يفتح الباب أمام التيئيس وفقدان الثقة، فإن ذلك يصبح عملاً سياسياً بواجهة “مدنية”، هدفه خلق مسافة بين المواطن ومؤسساته.
الملكية… صمام الأمان لا موضوع المزايدة
الرسالة، في جوهرها، تتناسى أن الملكية في المغرب ليست طرفاً في النقاش، بل هي الإطار الضامن له. ومن ثوابت المغاربة أنهم يرون في الملكية مرجعاً وطنياً يعلو على التجاذبات.
لذلك فإن مخاطبة جلالة الملك بلغة الوصاية أو الإنذار لا تليق بمقام المؤسسة، ولا تخدم قضية الشباب، بل قد تضعفها بتشويشها على الحوار الجاد والمسؤول الذي يجب أن يجري داخل المؤسسات الدستورية.
الخلاصة: المغرب لا يُدار بالبيانات ولا يُصلح بالرسائل
إن جيل اليوم – جيل “زيد” – ليس جيل رسائل النخبة ولا بيانات الورق، بل جيل الفعل والميدان، جيل يريد أن يُسمَع صوته من خلال العمل والمبادرة.
ومن هنا، فإن من أراد الدفاع عن الشباب حقاً، فليفتح معهم قنوات الحوار الواقعي، لا أن يتحدث باسمهم من منصات جاهزة، أو عبر بيانات تفتقر إلى تمثيلية حقيقية.
📰 جريدة “جيل”… صوت الشباب الوطني المستقل
ولدت جريدة “جيل” من نبض الشباب المغربي، لا من رحم أي جهة أو وصاية. هي منبر حرّ يعبّر عن جيلٍ اختار أن يصنع الفعل لا أن يُستعمل كشعار.
تحمل اسمها عن قناعة بأن جيل اليوم هو الامتداد الطبيعي لروح المغرب المتجددة، وتؤمن أن الولاء للوطن لا يُقاس بالشعارات، بل بالالتزام، والنقد المسؤول، والدفاع عن الثوابت تحت سقف الدستور والملكية.