ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة

في قلب مدينة طنجة، حيث تلتقي الثقافات وتتداخل الروايات، يواصل مسرح رياض السلطان إشعاعه كمنارة فنية تحتضن شغف الجمهور بالفنون المسرحية والثقافية. خلال شهر ماي 2025، يستضيف المسرح النسخة الثانية من تظاهرة “ربيع الجكرندا للمسرح المتوسطي”، التي تقدم باقة متنوعة من العروض الفنية والأنشطة الثقافية، تعكس روح الإبداع المتوسطي الذي يجمع بين التقاليد والحداثة.

هذه التظاهرة، التي تجذب عشاق الفن من مختلف الأعمار، تؤكد مكانة طنجة كملتقى ثقافي ينبض بالحياة، حيث يتجسد الحوار بين الضفتين المتوسطيتين في عروض مسرحية، ندوات فكرية، ومعارض فنية.

افتتاحية التظاهرة: تنوع فني وإبداعي

انطلقت فعاليات “ربيع الجكرندا” في الأول من ماي مع العرض المسرحي “أح وبردات”، من إخراج محمود الشاهدي ونص أحمد السبياع، الذي قدم رؤية درامية عميقة مستلهمة من الواقع الاجتماعي. وفي اليوم التالي، أضحك الفنان حسن البوشاني الجمهور بعرضه الفكاهي “ماشي أنا”، الذي مزج بين السخرية والنقد الاجتماعي بأسلوب ممتع. أما عرض “عن بعد”، الذي أخرجه مسعود البوعزاوي يوم 3 ماي، فقد قدم تجربة مسرحية معاصرة تستكشف العلاقات الإنسانية في زمن التباعد.

عروض مبتكرة تجمع الموسيقى والرقص

يوم الخميس 8 ماي، يستعد الجمهور لتجربة فنية استثنائية مع عرض “فوق الحبال”، الذي يقدمه جواو ليما وأليسيا سوتو. هذا العرض الأدائي يمزج بين الموسيقى الحية للغيتار والرقص المعاصر، مدعوًا الجمهور ليكون جزءًا من التجربة عبر رحلة عاطفية تكشف عن تعقيدات النفس البشرية. هذا العرض يعكس روح التجديد في المسرح المتوسطي، حيث يتجاوز الحدود التقليدية ليخلق حوارًا مباشرًا مع المتفرج.

الفن الرقمي والنقاش الفكري

في الجمعة 9 ماي، يستضيف المسرح ندوة ثقافية بعنوان “رؤية الفنان في عصر الرقمية”، ترافق معرضًا للفن الرقمي يستعرض أحدث أشكال الإبداع في عصر التكنولوجيا. يناقش الفنانون والخبراء تأثير الرقمنة على الفن المعاصر، في ظل تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية في الإبداع الفني. هذا الحدث يعكس التزام المسرح بمواكبة التطورات العالمية، مع الحفاظ على الجذور الثقافية المغربية.

عودة إلى المسرح الدرامي والتراث الشعبي

يوم السبت 10 ماي، تعود التظاهرة بعرض مسرحية “كراش”، من كتابة وإخراج فاطمة الزهراء لهويتر. المسرحية تقدم مواجهة درامية مؤثرة بين حنان ووالدتها لطيفة، مستكشفة جراح الطفولة ونقص الحنان الأمومي، في عمل يعكس عمق التجربة الإنسانية. وفي 14 ماي، يحتفي عرض “لحلايقية شو” بالتراث المغربي عبر إعادة إحياء أجواء “الحلقة” التقليدية بأسلوب شبابي مفعم بالحيوية. تقدم فرقة “نجوم الحكي” سردًا يمزج بين الموسيقى، الرقص، والحكايات الشعبية، ليروي قصصًا شكلت الهوية المغربية والمتوسطية.

تكريم جان جينيه ونقاشات معاصرة

يوم الجمعة 16 ماي، يستضيف المسرح ندوة علمية بعنوان “جان جينيه: الصوت المتعدد في ملتقى المتخيلات المتوسطية”، يؤطرها نخبة من الباحثين والمثقفين مثل عمر فرتات، بيار كاتوسزوفسكي، ورشيد منتصر. هذا اللقاء يكرم إرث جان جينيه، الكاتب الفرنسي الذي جسد تلاقي الثقافات بين الضفتين المتوسطيتين، ويسلط الضوء على دوره كجسر ثقافي يربط بين العوالم المتباينة. في نفس اليوم، يعقد لقاء مع المخرج والممثل حسن كوياطي، لمناقشة مسيرته الفنية ورؤيته للمسرح المعاصر، مستلهمًا تجربته إلى جانب المخرج العالمي بيتر بروك.

ختام التظاهرة: تأملات إنسانية مع فوزي بنسعيدي

تختتم التظاهرة يوم 17 ماي بعرض “تُنسى، كأنك لم تكن” للفنان فوزي بنسعيدي، الذي يقدم عملًا فرديًا يمزج بين الألم، الحنين، والسخرية الرقيقة. العرض يستكشف موضوعات الحب، الحرب، والحياة اليومية، مقدمًا تأملات عميقة حول الوجود الإنساني.

طنجة تحتفي بتراثها المتوسطي

تظاهرة “ربيع الجكرندا للمسرح المتوسطي” ليست مجرد حدث فني، بل احتفالية ثقافية تجسد روح طنجة كمدينة تلتقي فيها الثقافات وتتفاعل الأفكار. من خلال عروض مسرحية متنوعة، ندوات فكرية، ومعارض فنية، يواصل مسرح رياض السلطان دوره كفضاء للإبداع والحوار، معززًا مكانة طنجة كعاصمة ثقافية متوسطية. هذه التظاهرة، التي تستقطب جمهورًا واسعًا من المغرب وخارجه، تؤكد أن الفن هو لغة عالمية تجمع ولا تفرق.

ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة插图
ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة插图1
ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة插图2
ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة插图3
ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة插图4
ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة插图5
ربيع الجكرندا يحتفي بالمسرح المتوسطي في طنجة插图6

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى