ذكــريــات نـــاجــــيــن ..مــن قــطاـر بــوقــنــادل إلــى .. زلــزال أكــادــير … !

 

ســعــدونــي مــحــمــد.

في الأشهر القليلة الماضية تعاقبت عندنا في المغرب حوادث الطرق والقطارات بسبب الأعطاب التقنية والتهور البشري ، كما تكررت  الكوارث الطبيعية التي شهدتها عدة مناطق في المملكة بسبب الأمطار العاصفية، مما  يدل بالملموس أن القادم أخطر في ظل حكم حكومة فاشلة ومشلولة ، لأن تعاطيها مع هذه الأزمات والأزمات الاجتماعية الأخرى ( بطالة – صحة – قرى نائية …) مازال يطغى عليه رد الفعل و “الهضرة ” والحسابات السياسية  ، بعيدا عن الدراسات  الاستباقية التي قد توفر للخزينة  كثيرا من المال والجهد  والتكاليف وتقلل من الأضرار،  وخاصة ” القيــلْ والــقــالْ “..

فحادث قطار بوقنادل أسال الكثير من الحبر ، وانتشرت حوله العديد من الروايات بشأن انحراف القطار، وفي انتظار الحسم في أسباب الحادث ،   قال مسافرون آخرون (( أنهم أحسوا  برجّة قوية في المكان نفسه الذي وقع فيه الحادث، مما خلف لديهم إحساس بالخوف والرعب، كما سقط البعض ممن كان يجلس على الحافة بفعل الاهتزاز، وهو ما دفعهم للاحتجاج عند وصولهم إلى محطة “القنيطرة”.))،هذه الروايات لم تعد حبيسة جدران مسوؤولي السكة الحديدة ، بل سارع البعض إلى تدوينها في الواقع الاجتماعية ، كل واحد كتبها لغرض في نفس يعقوب، خاصة أصحاب الأجندات الداخلية والخارجية وعلى رأسهم ” الطابور الخامس، فالحادث إما بسبب السائق، وإما بسبب الصيانة الرديئة ….،وهو ما اضطر إدارة لخليع إلى توضيح الأمور والخروج للرد على تساؤلات المسافرين والرأي العام ،  فانحراف القطارات تقع في كل بلاد الدنيا وبنتائج كارثية ومرعبة،  لكن  بلاغ المكتب الوطني للسكك الحديدية لم يكن شافيا كما تداولته عدة منابر إعلامية …، آخرون مشككون  اعتبروه ” ((مضللا للرأي العام” ويخفي الأسباب الحقيقية وراء الحادث، والتي تعود إلى تقصير العاملين بالمكتب بالقيام بالصيانة رغم تقديم الشكايات بهذا االشأن)).

وما يهمها نحن في  هذا المقال ليس النبش في الحطام والقيام بالتحقيقات، فهذا مجال له رجالاته، لكن ما يهما فيه هو أننا صودمنا بصنفين من الكائنات البشرية لا تمت للمغرب والمغاربة بصلة :

  • الأولى كانت على متن قطار بوقنادل نجت من الحادث وآخرون خارجه، تحركت في عناصرها قريحة الانتهازية واللصوصية ، فعمدوا إلى سرقة هواتف ومتاع الركاب المتوفين والجرحى، وهي أقصى صفات الدناءة والخسة ، وغياب الضمير، فبدل أن  يسارعوا ويعمدوا إلى تقديم الاسعافات الأولية وتهدئة الجرحى وتطمينهم، بل وحتى بالتطوع للتبرع بالدم ساهموا في تعميق جراح المصابين.
  • الفئة الثانية دائما تسارع إلى الصيد في الماء العكر كلما حلت بالبلاد كارثة أو حادثة، والنفخ في الكير ونشر الإشاعات للتشكيك في مؤسسات الدولة وتأليب الرأي العام، من أجل استنساخ حراك شعبي ولو من قطار منكوب وهذه الفئة أصبحت معروفة للعيان وهي بكل اختصار ” الطابور الخامس “.

وعلاقة بعنوان المقال وبتاريخ 29 فبراير 1960، (صادف هذا التاريخ شهر رمضان الأبرك)فقد كانت 15ثانية من الزلزال كافية لتحويل  مدينة أكادير إلى أنقاض.. ..العلماء  وصنفوا  الزلازل، ضمن أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدها القرن العشرون. ((وبعد 48 سنة، مازالت شهادات الناجين تجمع كلها على أنه قد كتبت لهم حياة جديدة بعد الزلزال رغم أن آثاره النفسية مازالت غائرة في النفوس..))، حينها أمر جلالة الملك محمد الخامس بإعلان مدينة أكادير مدينة منكوبة، وأعطى أوامره للقوات المسلحة الملكية لكي تساهم في إجلاء الجرحى والبحث عن الناجين وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، وتقاطرت على المغرب المساعدات الإنسانية الدولية  من عدة دول صديقة وشقيقة  . روى لنا أحد الجنود الذين شاركوا في عمليات الإنقاذ قائلا : (( صدرت لنا أوامر صارمة لحماية ممتلكات الناس  ومؤسسات الدولة، وكانت سويسرا قد أرسلت فريقا كاملا من الصليب الأحمر لمساعدة المغرب في هذه النكبة، وكنا تحت إمرة  الجنرال إدريس بنعمر ، وكما وقع في قطار بوقنادل من سلب ونهب، فقد أوقفنا العديد من الانتهازيين اللصوص … فأمر الجنرال  بدفنهم واقفين  ثم رميهم بالرصاص على مستوى الرأس … لكن رئيس لجنة الصليب الأحمر السويسرى نصح الضابط المغربي بالعدول عن ذلك … وقال له صحيح أنهم لصوص وأنذال،  لكن سيأتي اليوم الذي تستغل فيه صورهم وهذه الحادثة ضد النظام المغربي .. على أنهم كانوا من معارضين سياسيين، وهكذا يتحولون من لصوص إلى أبطال ))

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى