د.بصراوي رئيسة مؤسسة “الحياة” حاضرة بقوة في وعدة سيدي يحيى ب”الخيل فيها الخير”

أهل أنجاد/وجدة:عبد الرحيم باريج

عادت وعدة سيدي يحيى لوهجها وسالف عهدها محجا اجتماعيا،وملتقى ثقافيا وشعبيا ونفسيا وفنيا لكل قبائل “أحواز وجدة”،وغيرها من قبائل الشرق،لتعبر كل مجموعة فنية،وكل قبيلة عن مخزونها الفني والأدبي والثقافي في دلالاتها الشاملة،بفضل التنظيم المحكم لجماعة سيدي يحيى القروية وانخراطها بدعم من الشركة المواطنة “عقار الشرق” في رعاية هذا الموروث وتنمية هذه الذاكرة التي كانت وما تزال بمثابة مخزون ثقافي جهوي ووطني،بل ومغاربي،لأحد أشهر الأولياء الصالحين بجهة الشرق وهو الولي الصالح “سيدي يحيى بن يونس” (الحواري والقديس والولي) الذي استطاع،حتى وهو في قبره،أن يوحد بين المنتسبين للديانات الثلاثة.وهو الذي كان الفقيه سيدي بنسعيد المهداوي يأتي من وسط المدينة راجلا إلى مقامه لزيارته بكل أدب ووقار.

ضريحه هو أحد الأضرحة التي تجمع الديانات الثلاث،حيث يزوره اليهود والمسيحيون والمسلمون،وكل منهم يدعي الإنتساب إليه،ويشتهر بكونه مقصدا لعلاج العقم بالتبرك. ويعتقد المسلمون في حكاياتهم الشعبية أن هذا الولي الصالح كان معاصرا للمسيح وتنبأ بقدوم الرسول،وكان مستقرا في المقدس قبل أن يشد الرحال على ناقته نحو المغرب بعد أن أحس بالمرض.وقال عنه الإمام أبو حامد الغزالي “يحيى بن يونس عبد الله ثمانين سنة بصيام نهارها وقيام ليلها،لم يأكل فيها شيئا،وآمن بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه بخمسمائة عام،وكان من أصحاب عيسى عليه السلام،وبه يسقي الله أهل المغرب المطر.وهو مدفون بمدينة وجدة،ولها ثلاثمائة وبضع وستون بابا من كبرها.وسميت بهذا الإسم لأنها مسكن الوجد ولوجود الصالحين فيها”.

جاء ذكره أيضا في كتاب “طقوس الأضرحة والأولياء اليهود بالمغرب”،لمؤلفه اليهودي “بنعمي”،أن “الولي سيدي يحيى بنيونس،يعتبر واحدا من بين 36 وليا،يتصارع المسلمون واليهود في امتلاكه”.ومن الغرائب أن قبره موضوع على خط زاوية قائمة مع خط القبلة بعكس قبور المسلمين بل لا يوجد جثمان بالقبر بتاتا،حسب ما يرويه البعض (مصادر ذكرت أن مريديه عملوا على إخفاء قبره لئلا يتم تدنيسه أو تنقل رفاته إلى المشرق،واتخذوا لهم مسكنا في غار يسمى “غار الحريات” حتى يتمكنوا من البقاء جواره والصلاة لأجله).ولازال العديد من الناس المنتمين إلى مختلف القبائل المجاورة لمدينة وجدة والتي كانت تحضر موسم سيدي يحيى تؤمن بقدرة الولي على التأثير على الأحياء ومنهم من يذكر واقعة سنة 1963 بحيث وقع خلال تلك السنة أن أصيب عدد كبير من الناس بإسهال كبير إثر تناولهم للكسكس وقامت القيامة وتحول الموسم إلى مأتم،وفسر أهل وجدة الواقعة بغضب الولي الصالح سيدي يحيى على سلوك بعض الناس الذي مس الحياء والحشمة وعاقبهم بذلك ورفض طعامهم.و”تعتبر الأماكن المقدسة التي يؤمها مسلمون ويهود للتبرك والعبادة،حالة مغربية بامتياز،وظاهرة تظل نموذجا فريدا ودالا،ليس فحسب على مدى تعايش يهود المغرب ومسلميه،والذي قيل عنه الكثير،بل عن تمايز الإسلام المغربي واليهودية المغربية،بصرف النظر عما يجمع الديانتين (فاليهودية والإسلام في كثير من الوجوه يقتربان تقاربا كاملا) كما يذكر المؤرخ المغربي اليهودي حاييم الزعفراني|”.

توجد روايات متنوعة لدفن “يوحنا المعمدان”،يعتقد الكثير من المسيحيين أنه هو سيدي يحيى بن يونس،وتروي الأناجيل المسيحية عن قطع رأس “يوحنا المعمدان” بأمر “هيرودس” الحاكم اليهودي للإمبراطورية الرومانية،وتكرم مختلف فروع المسيحية هذا الحدث في يوم عيد أو ذكرى.على الرغم من أن حقيقة المكان الذي وضع فيه “يوحنا المعمدان”،في النهاية،لن يتم الكشف عنها،إلا أنه من المثير للاهتمام أن نرى كيف أن المغرب يتميز في هذا اللغز والأسطورة القديمة التي تمتد عبر عدة ثقافات،بلدان،والديانات.

تعد وعدة سيدي يحي بنيونس من أهم التظاهرات التي تشهدها المنطقة،وهي إرث تاريخي يعرف بعادات وتقاليد أهل أنجاد المعروفة بكرمها،وتشهد التظاهرة عدة عروض للفنتازيا بحضور العشرات من الفرسان من عدة من داخل وخارج وجدة.وأكدت د.فاطمة الزهراء بصراوي رئيسة مؤسسة “الحياة”،أن “الثقافة المحلية هي روح الأمة ومتى ما اندثرت تلك الثقافة غابت الروح وبقي الجسد.والتراث قضية محورية ليس فقط في بناء هويتنا المستقبلية ولكن في معركة وجودنا بالكامل..وهو ذاكرة الشعوب والمجتمعات،والحفاظ على الإرث الحضاري والمعرفي لكل مجتمع يعد هو الرابط بين الماضي والحاضر والمستقبل لأجيال قادمة.وهذه هي فلسفة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) فهي تسعى إلى تشجيع البلدان في جميع أنحاء العالم على حماية التراث الثقافي والطبيعي والحفاظ عليه،ويتجسد ذلك في الإتفاقية الدولية المعروفة باسم (اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي)،والتي اعتمدتها منظمة اليونسكو في عام 1972”.واستجابة لنداءات اليونسكو للحفاظ على التراث والاستثمار فيه بوصفه أحد آليات التنمية المستدامة،قامت الطبيبة الجراحة في طب العيون د.فاطمة الزهراء بصراوي رئيسة مؤسسة “الحياة”،بجمع “مجموع لطيف من أقوال وأشعار منقولة عن الخيل والفرسان” اختارت “أشهرها خوفا من ضياعها وهي جديرة بالحفظ والصيانة لما فيها من النفع والإستفادة” تحت عنوان “الخيل فيها الخير”،الذي سهرت على جمعه وطبعه د.بصراوي إحدى الفاعلات في المجتمع المدني الطبي بجهة الشرق ورئيسة مؤسسة “الحياة” التي يرعاها الفاعل السياسي والإقتصادي هشام الصغير رئيس المجلس الإقليمي لعمالة وجدة أنجاد رفقة عبد القادر لحضوري المعروف ب”وسيط الخير” في المغرب والجزائر حتى فلسطين المحتلة رئيس جماعة سيدي يحيى الحدودية..وخلال تواجد “المنعطف|” بواحة سيدي يحيى لتغطية أطوار “وعدة” أهل أنجاد،صادفنا مجموعة من الأساتذة تطوعوا لتوزيع كتيب “الخيل فيها الخير” على عموم المواطنين الذين تمتعوا بعروض الفروسية واستحسنوا هذه المبادرة المهمة في “وعدة سيدي يحيى” التي كانت ولازالت محجا اجتماعيا،وملتقى ثقافيا وشعبيا ونفسيا وفنيا لكل قبائل “أحواز وجدة”،وغيرها من قبائل الشرق،لتعبر كل مجموعة فنية،وكل قبيلة عن مخزونها الفني والأدبي والثقافي في دلالاتها الشاملة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى