د. الحسين عبايبة: في حاجة إلى بناء جاذبية إعلاميةمغربية لمواكبة طموحات الوطن

الصحافة المغربية: بناء جاذبية إعلامية لمواكبة طموحات الوطن
ساهم الوزير السابق د. الحسن عبيابة في ندوة “لافميج” حول “الصحافة المغربية: الأزمة الوجودية وسبل الإنقاذ” حيث قدم رؤية شاملة للتحديات التي تواجه القطاع الإعلامي في المغرب، مع التركيز على ضرورة تطوير إعلام وطني قوي يعكس طموحات البلاد. يُسلط النص الضوء على أزمة وجودية تُهدد دور الصحافة، مُقترحًا حلولًا ترتكز على التمويل الشفاف، التغطية الاستراتيجية، والاستقلالية المهنية.
1. الأزمة الوجودية: حاجة ملحة لإعلام قوي
كما أكد د. الحسن عبيابة أن الصحافة المغربية تفتقر إلى “الجاذبية الإعلامية”، داعيًا إلى بناء إعلام وطني قوي ومستقر يدعم الطموحات الدبلوماسية والاقتصادية للمغرب. يُبرز هذا التشخيص عمق الأزمة التي تُهدد دور الإعلام في تعزيز صورة البلاد ومكانتها إقليميًا ودوليًا.
نذكر هنا الى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (2023) يُشير إلى أن 60% من المؤسسات الإعلامية المغربية الصغيرة تعاني من عجز مالي، مما يُحد من قدرتها على المنافسة وإنتاج محتوى مؤثر. كما يُظهر مؤشر حرية الصحافة لمنظمة “مراسلون بلا حدود” (2024) تراجع المغرب إلى المرتبة 130 عالميًا، مُعززًا الحاجة إلى إصلاحات لاستعادة الثقة والتأثير.
2. الجاذبية الإعلامية: دعم المبادرات الوطنية
وقد ربط الدكتور الحسن عبايبة بين تطوير الإعلام ونجاح المبادرات الوطنية الكبرى، مثل المبادرة الملكية الأطلسية، التي تستهدف تعزيز العلاقات مع 23 دولة إفريقية. هنا يدعو عبيابة إلى إعلام متطور متعدد اللغات يُقرب الشعب المغربي من الواقع الإفريقي ويُعزز التواصل الثقافي والاقتصادي.
هذا المطلب يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية للمغرب، حيث تُظهر إحصاءات وزارة الاقتصاد (2024) أن الاستثمارات المغربية في إفريقيا ارتفعت بنسبة 15% خلال العامين الماضيين.
لكن غياب إعلام قوي يُغطي هذه الديناميكيات يُضعف تأثيرها، مما يؤكد أهمية دعوته لتطوير “جاذبية إعلامية” تُواكب هذه التطلعات.
3. التمويل: حجر الزاوية للاستدامة
وشدد عبيابة على أن “حسم جدلية التمويل” شرط أساسي لاستمرارية الإعلام، مُقترحًا دعم المؤسسات الإعلامية بشرط وضع دفاتر تحملات تركز على الإنتاجية، الإبداع، والدفاع عن المصالح الوطنية.
هذا الطرح يعكس وعيًا بأن التمويل غير المنظم يُهدد استدامة القطاع. تقرير المركز المغربي للدراسات الإعلامية (2022) يكشف أن توزيع الدعم العمومي يفتقر إلى الشفافية، حيث تستحوذ المؤسسات الكبرى على 70% من الموارد، بينما تُهمل الجهوية.
هذه المعطيات تُؤكد الحاجة إلى إطار تمويلي واضح يُعزز التنافسية ويمنع استغلال الموارد لمصالح خاصة.
4. التغطية الاستراتيجية: عكس ديناميكية المغرب
يُطالب التصريح الصحافة بالتركيز على البعد الاستراتيجي لتوجهات المغرب الإقليمية والدولية، خاصة في العالم العربي وإفريقيا، مع تبني نهج موضوعي في معالجة الأخبار الداخلية.
كما ينتقد عبيابة ميل بعض الصحف إلى تقديم صورة سلبية عن البلاد، مُبرزًا أن المغرب يتحرك “بذكاء” وفق استراتيجية وطنية بقيادة الملك.
تقرير البنك الدولي (2024) يُشيد بالإصلاحات الاقتصادية المغربية، مثل تحسين بيئة الأعمال بنسبة 10% خلال ثلاث سنوات، لكن هذه الإنجازات نادرًا ما تُبرزها الصحافة المحلية بشكل كافٍ.
هذا يدعم دعوته لتغطية استراتيجية تُعزز صورة المغرب وتُصحح الروايات المغلوطة.
5. الاستقلالية والمهنية: أساس المصداقية
الى ذلك يُحذر عبيابة من تحول الصحافة إلى أداة “حيازية” (حزبية)، سواء كمعارضة دائمة أو داعمة بلا نقد، مُؤكدًا أن دورها يكمن في الموضوعية، المراقبة، وتقديم معلومات موثوقة تعزز ثقة الرأي العام.
هذا الموقف يعكس قلقًا من تراجع مصداقية الإعلام بسبب الانحيازات. تقارير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (2023) تُشير إلى أن 45% من المواطنين يرون الصحافة منحازة سياسيًا، مما يُقلل من تأثيرها.
كما أن قضايا مثل ملاحقة صحفيين (مثل عمر الراضي 2020) تُبرز ضغوطًا تُهدد الاستقلالية، وتعزز دعوته لتبني معايير مهنية صارمة.
6. التفاؤل والحلول الجماعية: أمل في التغيير
كما أوضح الوزير الأسبق لوزارة الاتصال تفاؤلًا بقدرة المغرب ومؤسساته على تجاوز الأزمة، مُشددًا على أهمية التفكير الجماعي بمشاركة كل الأطراف.
حيث ربط عبيابة نجاح الإعلام بمواكبة الأوراش الكبرى، مثل كأس العالم 2030 والمبادرة الأطلسية، التي تتطلب إعلامًا قويًا.
إحصاءات رسمية (2024) تُظهر أن استضافة كأس العالم ستُولد استثمارات بقيمة 20 مليار دولار، مما يُبرز الحاجة إلى إعلام يُروج لهذه الفرص.
هذا التفاؤل المدعوم بتجارب سابقة، مثل تنظيم المغرب لمؤتمرات دولية (COP22 2016)، يوحي بأن الإعلام المغربي سيلعب دورًا إيجابيًا في تعزيز الصورة الوطنية.
7. التكوين: مفتاح التميز في الأحداث الكبرى
الى ذلك يُطالب عبيابة وزارة الاتصال بالاستثمار في تكوين الصحفيين، خاصة في اللغات والتوجهات الاستراتيجية، لضمان تغطية متميزة لأحداث مثل كأس العالم 2030 تُبرز الحضارة والمجتمع المغربي.
هذا المطلب يعكس وعيًا بأن الإعلام يحتاج إلى كفاءات تُواكب التحديات العالمية. دراسة للمعهد العالي للإعلام والاتصال (2023) تُشير إلى أن 65% من الصحفيين المغاربة يفتقرون إلى تدريب متخصص في الصحافة الدولية أو الرقمية، مما يُضعف قدرتهم على تغطية الأحداث الكبرى.
هذه المعطيات تؤكد أهمية دعوة الحسن عبايبة لتطوير المهارات كجزء من إصلاح القطاع.
اخيرا نعتقد ان مداخلة د. الحسن عبيابة قدمت رؤية متفائلة ونقدية لأزمة الصحافة المغربية، مُبرزة الحاجة إلى إعلام قوي يُواكب طموحات المغرب في الدبلوماسية، الاقتصاد، والتنمية. من خلال التركيز على التمويل الشفاف، التغطية الاستراتيجية، الاستقلالية، والتكوين، كما انه ساهم بطرح حلولًا عملية لتجاوز التحديات.
تحقيق هذه الرؤية يتطلب تعاونًا بين الحكومة، المؤسسات الإعلامية، والمجتمع المدني، مع استثمارات في التدريب والبنية التحتية.
إن نجاح هذه الجهود سيُسهم في بناء إعلام مغربي يعكس ديناميكية البلاد ويُعزز مكانتها كقوة إقليمية ودولية.