دفاعاً عن المهنية الصحفية: فوضى التغطيات في إقليم بركان هل تتحدى تعليمات وزارة الداخلية المركزية؟

ا
في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى ترسيخ قواعد الحكامة والتواصل المؤسساتي المنظم، يبدو أن إقليم بركان يعيش على إيقاع مخالف، حيث تستمر مظاهر الفوضى في التغطيات الإعلامية للأنشطة الرسمية، رغم التوجيهات الصريحة الصادرة عن وزارة الداخلية.
هذه التوجيهات، التي صدرت في مذكرة داخلية واضحة ليلة الثلاثاء 22 يوليوز 2025، تهدف إلى تقنين الحضور الإعلامي، بحصر التغطية في الصحفيين المهنيين الحاملين للبطاقة المهنية المعتمدة، ومنع منتحلي صفة الصحفيين وأصحاب “البثوث المباشرة” عبر الهواتف من المشاركة في هذه الأنشطة.
لكن، وعلى أرض الواقع، يبدو أن هذه التعليمات لا تزال حبراً على ورق.فوضى إعلامية تهدد هيبة المؤسسات.
في إقليم بركان، وحسب ما افدنا به زملائنا في الفيدرالية المغربية لناشري الصحف هناك، تتحول الأنشطة الرسمية إلى منصات عشوائية للبث المباشر والتصوير غير الاحترافي، حيث يتسلل أشخاص لا يمتلكون أي صفة قانونية أو مهنية إلى الفضاءات الرسمية، مزودين بأجهزة لا ترقى إلى الحد الأدنى من المعايير المهنية.
والادهى والامر ان هؤلاء، الذين يفتقرون لأبسط أبجديات الصحافة، يصورون ويعلقون وينشرون محتوى يفتقد للدقة والمصداقية، في مشهد يسيء إلى هيبة المؤسسات ويضرب في العمق جهود الدولة لتنظيم التواصل المؤسساتي.
إن هذا التسيب لا يقتصر ضرره على صورة الإعلام الجاد فحسب، بل يمتد ليؤثر على مصداقية المعلومة وسمعة الأنشطة الرسمية. فما جدوى التوجيهات الوزارية إذا ظلت حبيسة الأدراج، دون تنزيل صارم على أرض الواقع؟ وأين الرقابة الحقيقية التي من شأنها أن تضمن احترام هذه التعليمات؟
تتعالى اليوم أصوات الصحفيين المهنيين والفاعلين المحليين في بركان، مطالبين بتفعيل المذكرات الوزارية من خلال إجراءات عملية تضمن احترام المهنية الصحفية.
من بين هذه المطالب، يقترحون، إحداث خلايا تواصل داخل العمالات تتولى تقديم المعطيات والصور والتوضيحات الرسمية، بما يضمن الحق في المعلومة ويحافظ على البروتوكولات المعتمدة. هذه الخطوة، إذا ما تم تنفيذها، ستعيد الاعتبار للصحافة المهنية وتحد من العبث الذي يتستر خلف شعار “الحرية الرقمية”، والذي هو في حقيقته فوضى تهدد مكانة المؤسسات.
إن قرار وزارة الداخلية بتقنين الحضور الإعلامي يمثل خطوة متقدمة نحو تعزيز المهنية في القطاع الصحفي، لكنه يظل ناقصاً دون إرادة حقيقية من السلطات الإقليمية لتطبيقه.
فالتفعيل الفوري لهذه التعليمات، ومنع أي اختراق يسيء للمشهد الإعلامي، هو السبيل الوحيد لضمان استعادة الثقة في الإعلام الجاد وحماية هيبة المؤسسات.في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل ستتحرك السلطات الإقليمية في بركان لتصحيح هذا المسار، أم أن فوضى “صحافة الفايسبوك” ستبقى واقعاً يتحدى التعليمات المركزية؟
إن الإجابة على هذا السؤال لن تكون بالكلام، بل بالإجراءات العملية التي تعيد الاعتبار للصحافة المهنية وتحافظ على مصداقية المعلومة وهيبة المؤسساتي.