حول الوضع الاقتصادي والاستثماري للجهة وعلاقته بالتشغيل

جهة الشرق في المغرب (التي تضم مدنًا مثل وجدة، بركان، تاوريرت، وجرسيف) تُعتبر منطقة ذات إمكانات اقتصادية واستثمارية مهمة، وترتبط هذه الإمكانات ارتباطًا وثيقًا بفرص الشغل وتنمية سوق العمل. إليك تحليلًا شاملاً للوضع الاقتصادي والاستثماري للجهة وعلاقته بالتشغيل:
1. الخصائص الاقتصادية لجهة الشرق
أ. القطاعات الاقتصادية الرئيسية
- الفلاحة والصناعة الغذائية:
- تُعد جهة الشرق من أهم المناطق الزراعية في المغرب، خاصة في إنتاج الحمضيات (بركان) والزيتون والخضروات.
- توجد مناطق صناعية غذائية لتحويل المنتجات الزراعية (مثل تعليب الزيتون وتصدير الحمضيات إلى أوروبا).
- الطاقة والتعدين:
- تحتوي الجهة على احتياطيات مهمة من الفوسفاط (منجم بوعرفة) والرصاص، مما يجعلها منطقة جاذبة للاستثمار في التعدين.
- مشاريع الطاقة المتجددة، مثل محطات الطاقة الشمسية في المناطق الصحراوية.
- الصناعة:
- وجود مناطق صناعية في وجدة والناظور، خاصة في صناعة النسيج، والكيمياء، وتجميع السيارات (بفضل القرب من موانئ البحر الأبيض المتوسط).
- الخدمات اللوجستية:
- الموقع الجغرافي الاستراتيجي (على الحدود مع الجزائر) يجعلها مركزًا لوجستيًا للتجارة بين المغرب ودول إفريقيا.
2. الفرص الاستثمارية في الجهة
أ. قطاعات واعدة للاستثمار
- الفلاحة الذكية:
- الاستثمار في الزراعة المروية وتقنيات الري الحديثة لزيادة الإنتاجية.
- تطوير سلاسل التصدير (الحمضيات، الزيتون).
- الطاقة المتجددة:
- استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المناطق الشرقية، خاصة مع مشاريع مثل “نور-ميدلت”.
- الصناعة التحويلية:
- جذب الاستثمارات في الصناعات الخفيفة (النسيج، الإلكترونيات) بسبب انخفاض تكاليف اليد العاملة مقارنة بالمدن الكبرى.
- اللوجستيات والتجارة:
- تطوير المناطق اللوجستية القريبة من الحدود الجزائرية (مثل منصة الشرق اللوجستية).
- السياحة:
- السياحة الثقافية (مدينة وجدة التاريخية) والسياحة البيئية (غابات الأرز في جرسيف).
3. علاقة الاستثمار بالتشغيل
أ. تأثير الاستثمار على خلق فرص العمل
- القطاع الفلاحي: يوفر فرص عمل موسمية ومباشرة (حصاد، تعليب)، ووظائف غير مباشرة في التسويق والنقل.
- الصناعة: تحتاج إلى عمالة مؤهلة في التصنيع (ميكانيكا، كهرباء) وإدارة.
- الطاقة المتجددة: تتطلب مهارات تقنية متخصصة (فنيو طاقة شمسية، مهندسون).
- اللوجستيات: تخلق وظائف في النقل، التخزين، وإدارة السلاسل اللوجستية.
ب. التحديات المرتبطة بالتشغيل
- البطالة بين الشباب: تُسجل الجهة معدلات بطالة مرتفعة (حوالي 20%)، خاصة في صفوف حاملي الشهادات.
- الهجرة الداخلية: نزوح الشباب إلى مدن مثل الدار البيضاء بسبب نقص الفرص.
- عدم توافق المهارات: ضعف التكوين المهني مع احتياجات سوق العمل (مثال: نقص الفنيين في الطاقة المتجددة).
4. المبادرات الحكومية لتعزيز الاستثمار والتشغيل
- المركز الجهوي للاستثمار (CRI):
- يسهل إجراءات إنشاء الشركات ويقدم حوافز ضريبية للمستثمرين في المناطق الصناعية.
- المخطط الجهوي للتنمية:
- يركز على تطوير البنية التحتية (الطرق، الموانئ الجافة) لجذب الاستثمارات.
- مشاريع كبرى:
- منصة الشرق اللوجستية: مشروع لتحويل الجهة إلى مركز إقليمي للتجارة مع إفريقيا.
- برنامج “جيل التقاعد”: تشجيع الاستثمار في الصناعات الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل.
- التكوين المهني:
- مؤسسات مثل معهد التكوين في مهن الطاقات المتجددة (IFMEREE) في وجدة لتدريب الشباب على مهارات الطاقة الخضراء.
5. آفاق المستقبل
- الاستثمار في الاقتصاد الأخضر: تحويل الجهة إلى قطب للطاقات المتجددة والصناعات البيئية.
- تعزيز البنية التحتية: توسيع شبكة الطرق والسكك الحديدية لربط الجهة بالموانئ (ميناء الناظور غرب المتوسط).
- الاستفادة من الموقع الحدودي: إعادة تفعيل التجارة مع الجزائر لتنشيط الاقتصاد المحلي.
- التركيز على السياحة الداخلية: تطوير البنى التحتية السياحية لخلق فرص عمل في قطاع الخدمات.
الخلاصة
جهة الشرق تمتلك إمكانات اقتصادية كبيرة بفضل مواردها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي، لكنها تحتاج إلى:
- جذب استثمارات نوعية في القطاعات الواعدة (الطاقة، اللوجستيات، الصناعة).
- تعزيز التكوين المهني لتأهيل الشباب لمتطلبات السوق.
- تطوير البنية التحتية لتحفيز التنمية الشاملة.
- الشراكة بين القطاعين العام والخاص لخلق نموذج تنموي مستدام.
إذا تحققت هذه العوامل، ستتحول الجهة إلى قاطرة اقتصادية تُسهم في خفض البطالة وتعزيز الاندماج الاجتماعي.