مسطرة التحكيم بين جماعة وجدة والشركة المفوضة لتدبير النقل الحضري.. لغز قانوني ومالي… وجيل24 تفتح الملف.

تثير قضية مسطرة التحكيم بين جماعة وجدة والشركة المفوض لها تدبير النقل الحضري جدلاً واسعاً، حيث تتقاطع فيها مسائل قانونية ومالية وإدارية مع تساؤلات حول شفافية إدارة المال العام. هذا التحقيق الذي أجرته “جيل 24” يضع هذا الملف تحت مجهر التحليل والتفكيك، محاولاً كشف الحقائق وراء قرارات تحكيم أثارت الجدل، استناداً إلى تصريحات شكيب أسبابي، عضو مجلس جماعة وجدة عن الحزب الاشتراكي الموحد، ومصادر أخرى مطلعة.

يعود أصل النزاع إلى سنوات طويلة من التوتر بين جماعة وجدة والشركة المفوض لها تدبير النقل الحضري.

بدأت القضية مع فرض الجماعة غرامات مالية على الشركة بسبب عدم التزامها بشروط العقد، حيث تراكمت هذه الغرامات لتصل إلى ما يفوق 7 مليارات سنتيم، وفقاً لمصادر “جيل 24”.

الجماعة عينت مفوضاً قضائياً لتوثيق الاختلالات، بما في ذلك احتلال الشركة للملك العمومي، مما أدى إلى فرض غرامات إضافية. وجهت الجماعة إشعارات رسمية للشركة عبر البريد المضمون، لكن الأخيرة لم تستجب، مما زاد من حدة الخلاف.

في المقابل، يبدو أن الشركة لجأت إلى مسطرة التحكيم في ماي 2025، بهدف تسوية النزاع، حيث بدأت الإجراءات فعلياً في دجنبر من العام نفسه. ومع ذلك، تشير مصادر إلى أن جماعة وجدة رفضت هذه المسطرة مبدئياً، فيما طالب بعض أعضاء المجلس بتفعيلها. ش

وهنا يبرز السؤال الأول: إذا كانت الجماعة قد رفضت التحكيم، فكيف تم المضي قدماً فيه؟

ينظم القانون رقم 08/05 مسطرة الصلح والوساطة والتحكيم في المغرب، ويمنح القرارات التحكيمية قوة إلزامية إذا احترمت الشروط الشكلية والموضوعية.

كما يتميز التحكيم بالسرعة والمرونة والسرية، مما يجعله وسيلة مفضلة لحل النزاعات بين الأطراف المتعاقدة.

لكن بالنسبة للجماعات الترابية، مثل جماعة وجدة، فإن القانون يفرض شروطاً إضافية صارمة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمال العام.

فوفقاً للقوانين التنظيمية (111.14، 112.14، 113.14)، يتعين على الجماعة الترابية، قبل قبول التحكيم، مراسلة وزارة الداخلية والحصول على موافقتها المسبقة، خاصة إذا كان النزاع يتعلق بمبالغ مالية كبيرة. هذه الخطوة تهدف إلى ضمان حماية المال العام والامتثال للشفافية الإدارية.

لكن، هل راسلت جماعة وجدة وزارة الداخلية؟ وهل حصلت على الموافقة المطلوبة؟

هذه أسئلة لم تجد “جيل 24” إجابات واضحة عنها حتى الآن.

وفقاً لتصريحات شكيب أسبابي، أسفرت مسطرة التحكيم عن قرار يلزم جماعة وجدة بدفع أكثر من 3 مليارات سنتيم للشركة. هذا القرار أثار استغراباً واسعاً، خاصة أن الشركة مدينة للجماعة بمبالغ تفوق 7 مليارات سنتيم.

مصدر مدافع عن التحكيم أشار إلى أن الجماعة رأت أن هذه المبالغ الضخمة تجعل التحكيم “بلا معنى” بالنسبة للشركة، مما يطرح تساؤلاً حول دوافع الشركة من طلب التحكيم.

من جهة أخرى، حاولت رئاسة جماعة وجدة، عبر محاميها، إيقاف مسطرة التحكيم أمام المحكمة الإدارية، لكن الدعوى رفضت بحجة أن النزاع يخضع للتحكيم وليس لاختصاص المحكمة.

مصدر محايد أشار إلى إمكانية إيقاف المسطرة من الناحية الشكلية، لكن ذلك قد يعيد النزاع إلى نقطة الصفر، مما يطرح سؤالاً جوهرياً: من هو الطرف الذي أخل بالتزاماته أصلاً؟

يثير هذا الملف تساؤلات جوهرية حول مدى احترام الإجراءات القانونية والشفافية في إدارة النزاع.

أولاً، هل استوفت جماعة وجدة الشروط القانونية لقبول التحكيم، خاصة مراسلة وزارة الداخلية؟

ثانياً، كيف يمكن أن تلتزم الجماعة بدفع مبالغ لشركة مدينة بمليارات السنتيمات دون تسوية الديون المستحقة للجماعة؟

ثالثاً، هل كان قرار التحكيم عادلاً وشفافاً، أم أنه يعكس خللاً في تطبيق القانون؟

ختاما، وطبعا سنعود للموضوع لاحقا، نقول أن قضية التحكيم بين جماعة وجدة والشركة المفوض لها تدبير النقل الحضري تسلط الضوء على تحديات إدارة المال العام والالتزام بالشفافية في التعامل مع النزاعات. هذا النقاش العمومي ضروري لتقديم أجوبة دقيقة ومعطيات واضحة، تمكن من بناء جماعات ترابية تتجاوب مع تطلعات الإصلاح والتنمية.

في انتظار توضيحات رسمية من جماعة وجدة ووزارة الداخلية، يبقى هذا الملف دعوة مفتوحة لتعزيز الحكامة والمساءلة في إدارة الشأن المحلي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!