جامعة محمد الأول تحتفي بـ “تحرير القدرات” في ظل انتصار وطني تاريخي

وجدة، نوفمبر 2025
نظمت جامعة محمد الأول بوجدة والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير حفل تخرج بهيج للدفعة السابعة عشرة ل (ENCG)، في أجواء تاريخية ممزوجة بالاحتفال بالنجاح الأكاديمي وبالنصر الدبلوماسي الوطني الكبير. وقد تحول الحفل من مجرد تتويج لخريجين إلى منصة لتأكيد التلاحم بين الإنجاز التعليمي والطموح الوطني، في لحظة وُصفت بأنها “فتح مبين“.
السياق الوطني: مرحلة فاصلة و”فتح جديد”
افتتح الحفل بالإشارة إلى الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والذي جاء متزامناً مع الحفل. ووصف الخطاب هذه المرحلة بأنها “فتح جديد” في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي للنزاع المفتعل. هذا التحول التاريخي تزامن مع تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء والذكرى السبعين لاستقلال المغرب.
وأكد الخطاب الملكي أن المملكة تعيش “مرحلة فاصلة ومنعطفاً حاسماً في تاريخ المغرب الحديث“، مشيراً إلى أن مبادرة الحكم الذاتي أصبحت هي الإطار الوحيد المقبول دولياً لحل هذا النزاع. كما أشار إلى تزايد الاعتراف بالسيادة الاقتصادية للمملكة على الأقاليم الجنوبية، مع دعم القوى الاقتصادية الكبرى (مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي) للاستثمارات والتجارة في هذه الأقاليم.
وعلى الرغم من هذا التقدم، أكد جلالة الملك على حرص المغرب على إيجاد حل “لا غالب فيه ولا مغلوب”، داعياً الأطراف المعنية لاغتنام هذه الفرصة التاريخية. وخص الخطاب بالشكر والدعم الدول التي ساندت هذا التغيير، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا.
الفخر المؤسساتي: إشعاع الجامعة وكفاءة الخريجين
انتقلت الاحتفالات لتسليط الضوء على مكانة جامعة محمد الأول. حيث أعلن رئيس الجامعة، الدكتور ياسين زغلول، أن الجامعة مصنفة “ثالث جامعة في الترتيب وطنياً” و “العاشرة أفريقياً”.
وفي دليل ملموس على جودة التكوين، كشف رئيس الجامعة عن شهادة اعتراف قوية (تيموانياج بيان فوليج) من مؤسسة وطنية كبرى، وهي صندوق الإيداع والتدبير كابيتال (CDG Capital)، تشيد بكفاءات خريجي وخريجات جامعة محمد الأول في مختلف التخصصات. واعتبر الدكتور زغلول أن هذه الشهادة هي دليل على التدبير الناجح للجامعة، وعلى أن الخريجين “يشرفون الجامعة” في سوق الشغل. وطلب من الخريجين أن يكونوا “سفراء لجامعة محمد الأول” في أي مكان يحلون فيه. كما أشار إلى أن وفداً من مؤسسة مالية بلجيكية كبرى سيأتي قريباً إلى المغرب لتنظيم حملة توظيف خاصة بخريجي الجامعة.
وأشارت كلمة باسم الأساتذة إلى أن الجامعة والمدرسة أصبحتا فخراً بفضل “الحوكمة الشفافة” ونجاحهما في إحراز نقاط على الصعيد العلمي والأكاديمي والتكنولوجي.
شعار الدفعة والتتويج بالجوائز
في كلمته، تناول مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، الدكتور عبد العالي الكعواشي، تفاصيل الإنجاز الأكاديمي، مشيراً إلى أن المدرسة تحتفل بتخريج الدفعة 17 من حملة الدبلوم في خمسة مسالك (التدقيق، التسيير المالي، اللوجيستيك، التسويق، التجارة الدولية)، إضافة إلى سلكي الماستر.
وقد حملت هذه الدفعة المتنوعة اسم “تحرير القدرات” (Unleashing Capabilities). وأوضح المدير أن اختيار هذا الاسم ينسجم مع رؤية النموذج التنموي الجديد للمغرب، الذي يضع تنمية الكفاءات البشرية وتحرير الطاقات الإبداعية والمعرفية كركيزة أساسية لبناء المستقبل.
وشهد الحفل تكريم 21 متفوقاً بجوائز قيمة، حيث تقدم بالشكر إلى الداعم البلاتيني مطاحن صباطة (شركة مواطنة ومسؤولة اجتماعياً) والراعي الذهبي شركة إنتركوسينا.
وقدّم السيد مصطفى المدرسي، ممثل مطاحن صباطة، كلمة مؤثرة ربط فيها دعمهم للثقافة والتعليم بكون الطلاب هم “الأغلى والأثمن” في المجتمع. وأشار إلى الإرث الخيري لوالدته السيدة فاطمة المدرسي التي ساهمت في بناء جزء من صرح المدرسة.
وفي ذروة الحفل، تم تتويج الأوائل. وشهدت شعبة التدقيق ومراقبة التسيير تتويج ثلاث طالبات في المراكز الثلاث الأولى. كما ألقى ممثلو الخريجين كلمات شكر قصيرة، أكدوا فيها على تضحيات الوالدين وعلى الجهد والمثابرة التي بذلوها، مستخدمين التعبير الدارج “ضربنا تمارة”.
واختُتم الحفل بفقرات فنية متنوعة، شملت فرقة عيساوة التي قدمت الأهازيج التراثية، وفقرات موسيقية حماسية مزجت بين الأغاني الوطنية الشهيرة (مثل “الله أكبر” و “الصحراء يا الصحراء”) والموسيقى الشبابية العالمية.
خلاصة: إن تزامن هذا التخرج مع الانتصار الدبلوماسي للمغرب يعكس ترابطاً قوياً بين النجاح الأكاديمي الفردي والمهمة الوطنية الجماعية، ويضع على عاتق هذا الجيل الجديد مسؤولية مضاعفة لاستثمار “قدراته المحررة” في خدمة التنمية والريادة الوطنية.









