توقعات الخطاب الملكي: هل يرسم جلالة الملك خارطة طريق لإصلاحات جذرية أمام غضب “جيل زد”؟

وجدة- 7 اكتوبر 2025.
في ظل موجة احتجاجات “جيل زد 212” التي اجتاحت مدن المغرب منذ 27 سبتمبر الماضي، يترقب الرأي العام بفارغ الصبر خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله، المقرر إلقاؤه يوم الجمعة 10 أكتوبر 2025، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان. هذه الاحتجاجات، التي انطلقت من بلدات نائية في الجنوب مثل تزنيت وتارودانت، وانتشرت إلى المدن الكبرى كالرباط والدارالبيضاء، ثم طنجة ووجدة وفاس…، تعكس غضباً اجتماعياً عميقاً ضد الفساد، البطالة، وتدهور الخدمات العامة، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم.

ومع دخول الاحتجاجات أسبوعها الثاني، وتوقيفات في مستشفيات مثل الحسن الثاني بأكادير، يُنظر إلى الخطاب الملكي كفرصة حاسمة لتصحيح المسار، دون أن يكون بالضرورة رد فعل مباشر على الحراك، إذ يُعد افتتاح البرلمان إجراءً دستورياً روتينياً.

سياق الغضب الشبابي: من “ديسكورد” إلى الشوارع

نذكر ان حركة “جيل زد 212″، التي تجمع أكثر من 170 ألف مشارك عبر منصات التواصل الرقمي مثل ديسكورد، تُعد حركة لامركزية بلا قيادة حزبية واضحة، تركز على مطالب ملموسة: تحسين الخدمات الصحية، تعزيز التعليم، ومكافحة الفساد. وفقاً لتقارير، حل المغرب في المرتبة 120 عالمياً في مؤشر التنمية البشرية لعام 2025، مما يعكس فجوات اجتماعية عميقة، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب إلى أكثر من 30% في بعض المناطق. هذه الاحتجاجات، التي وصلت إلى اليوم العاشر، ليست مجرد صرخة عابرة، بل إشارة إلى خلل في المقاربة التنموية، حيث يُتهم النظام بتركيز الموارد على المشاريع الكبرى مثل الاستعدادات لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، على حساب الاحتياجات اليومية للمواطنين.

التوجهات المتوقعة: إصلاحات اجتماعية فورية و”خارطة طريق” للحكومة

بناءً على السياق السياسي والدستوري الحالي، يُتوقع أن يركز الخطاب على تسريع وتيرة الإصلاحات في القطاعات المرتبطة بالمعيش اليومي، مع الإشارة إلى أن هذه توقعات استشرافية وليست حقائق مؤكدة. ومن أبرز الخيارات السياسية المحتملة:

التوجه المتوقعالمجال المستهدفالغاية المتوقعة
تسريع الإصلاحات الاجتماعيةالصحة، التعليم، الحماية الاجتماعيةالاستجابة المباشرة للمطالب الملحة وتحسين الخدمات
تعزيز الحكامة والنجاعةتقييم السياسات العمومية، مراقبة عمل الحكومةترسيخ الشفافية ومحاسبة الأداء لتحقيق النتائج
توجيه دبلوماسي برلمانيالديبلوماسية البرلمانية، القضية الوطنيةمواكبة الدبلوماسية الملكية والدفاع عن المصالح الوطنية

أولاً، تسريع الإصلاحات الاجتماعية:

يُرجح أن يشكل الخطاب “خارطة طريق” للحكومة، مع التركيز على تنفيذ ورش الحماية الاجتماعية كأولوية ملحة. وفي قطاع الصحة، الذي كان أحد أبرز أسباب الاحتجاجات، قد يدعو جلالته إلى فتح المستشفيات العمومية الجاهزة التي لم تُفعل بعد، رغم إنفاق ملايين الدراهم على بنائها. هذا التوجيه ليس إصلاحاً داخلياً فحسب، بل جزءاً أساسياً من الالتزام اللوجستي بنجاح استضافة كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، حيث تفرض الفعاليات الرياضية معايير صارمة للأمن الصحي.

فالجاهزية الطبية ضرورية لاستقبال ملايين الزوار، وتعزيز القدرة الاستيعابية للحالات الطارئة، مما يحول أزمة التشغيل (مثل نقص الأطر الطبية والميزانيات التشغيلية) إلى تحدٍّ قومي يهدد مصداقية الدولة دولياً.

ثانياً، تعزيز الحكامة والنجاعة:

من المحتمل أن يحمل الخطاب إشارات قوية حول حكامة السياسات العمومية، بدعوة البرلمان إلى مراقبة فاعلة لعمل الحكومة، عبر إنشاء لجان تقصي الحقائق وتقييم السياسات. هذا يعني توزيع المسؤولية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لاستعادة الثقة الاجتماعية المتضررة بسبب فشل التنفيذ في ملفات حيوية.

كما يُتوقع دعوة لتجويد المنظومة التشريعية لمواكبة حاجيات البلاد، مما يمنع اللجوء إلى خيارات دستورية أوسع.

ثالثاً، تعزيز الدبلوماسية البرلمانية:

قد يوجه الخطاب البرلمان نحو الانتقال من “مقاربة رد الفعل” إلى “أخذ المبادرة” في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى، قضية الصحراء المغربية، مواكباً الدبلوماسية الملكية النشطة.

وفي سياق كأس العالم 2030، يُعد هذا التوجيه استراتيجياً، إذ يستغل النجاحات اللوجستية (مثل تفعيل المستشفيات) لتعزيز الصورة الوطنية أمام الوفود الدولية، حيث يصبح الأمن الصحي جزءاً من الأمن القومي.

خيارات أوسع:

بين التغيير الحكومي والحل البرلمانيرغم التركيز على الإصلاحات، يظل المشهد مفتوحاً لخيارات دستورية أكبر إذا فشلت الحكومة في الاستجابة. التغيير الحكومي، الذي يُعد أكثر مرونة وأقل تكلفة، قد يأتي عبر رسائل قوية للحكومة الحالية، أو إعادة تشكيلها لضخ دماء جديدة في القطاعات الاجتماعية، خاصة إذا ثبت فشل وزراء الصحة في تفعيل المرافق الجاهزة.

أما حل البرلمان والانتخابات المبكرة، فهو خيار أخير يُفعل إذا فقدت الحكومة قدرتها على إدارة الأزمة الاجتماعية، مع مخاطر مثل إطالة أمد التوتر والتكاليف المالية الباهظة.

خاتمة: تصحيح تنفيذي لاستعادة الثقة

يُؤكد التحليل أن الخطاب الملكي المرتقب سيشكل تصحيحاً تنفيذياً للمسار، مدفوعاً بضرورة إدارة أزمة الاستقرار الناتجة عن فشل إداري في تفعيل الأصول العامة، مثل المستشفيات الجاهزة. الخيارات الكبرى، كالتغيير الحكومي أو الحل البرلماني، تضع سقفاً للمساءلة، حيث يحدد فشل الاستجابة الفورية لتوجيهات الإصلاح – خاصة في الصحة – مدى ضرورة تفعيلها.

في نهاية المطاف، يبقى الخطاب فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، ليحول غضب الشباب إلى دافع للتقدم، مع الحفاظ على الاستقرار المؤسساتي الذي يُعد أساس نجاح المغرب في تحدياته الداخلية والدولية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!