تقرير عن حراك “جيل زد 212” المغربي

بناءً على الحوار الذي أجراه الصحفي توفيق بوعشرين مع ممثلين عن حراك “جيل زد 2012” (Generation Z 2012)، أعددنا في الجريدة تقريرا مفصلا عن هذا التنظيم والحراك، مستنداً فقط إلى المعلومات الواردة في نص المقابلة:
يمثل حراك “جيل زد 2012” مجموعة من الشباب المغاربة الذين لديهم رغبة في الإصلاح. يعتبر الصحفي توفيق بوعشرين أن ظهور هذا الحراك كان مفاجأة لم يتوقعها، خاصة وأن هذا الجيل كان يُعرف تقريباً بأنه “ميت سياسياً” وبعيد عن المجال العام، ومنتشرة حوله الكليشيهات التي تصفه بالانشغال بالترفيه مثل كرة القدم وألعاب البلاي ستيشن.
عوامل الظهور وطبيعة الحركة
ساهم عاملان رئيسيان في دخول هذا الجيل إلى المعترك السياسي بهذه الطريقة المفاجئة والسلمية:
1. الإنترنت والاتصال الدائم: هذا جيل “كونيكتي” (متصل) طوال الوقت، والإنترنت ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل مصدر للأخبار والآراء والمعلومات حول أحوال العالم.
2. الأزمة الاجتماعية: المطالب الأساسية للحركة هي مطالب اجتماعية بالدرجة الأولى، تتعلق بالصحة وإصلاح التعليم والشغل. وقد جاءت هذه التحركات بعد سلسلة من المؤشرات المقلقة، مثل ارتفاع البطالة، والتضخم، ومشاكل الفساد، وتدهور حرية الصحافة، بالإضافة إلى حوادث اجتماعية مأساوية مثل وفاة ثمانية أشخاص في مستشفى الحسن الثاني بأكادير.
تعتبر الحركة حركة إصلاحية وليست ثورية. وقد أكدت على أنها تتحدث وتعمل داخل الدستور.
التنظيم والمنصة الرقمية (ديسكورد)
المنصة المركزية التي تجمع الحراك وتعتبر “غرفة عمليات جيلزد” هي منصة ديسكورد.
• الدافع التقني: اختيرت منصة ديسكورد لأنها تُمكّن من إجراء حوارات صوتية مباشرة (Stages) وتستوعب عدداً كبيراً من الناس.
• الحجم: بدأت الحركة بشخص أو شخصين، ووصل عدد أعضائها على ديسكورد، وفقاً لتوفيق بوعشرين، إلى أكثر من 200 ألف.
• الإدارة والهيكلة: الإدارة الحالية للحراك مغربية بالكامل 100%. وتتكون من فرق متخصصة تشمل: مصممي الجرافيك، وفريق البودكاست، وفريق الميديا، ومديري الغرف الصوتية، والمطورين، والاستراتيجيين. يتم اختيار الأشخاص ذوي الكفاءات للانضمام إلى الإدارة.
• التمويل: لا يوجد تمويل خارجي أو مباشر، وتعتمد المنصة على نظام “البوست” (Boost) الذي يقدمه الأعضاء لدعم بعض الخصائص التقنية.
• صنع القرار: تعتمد الإدارة على نظام ديمقراطي يعتمد على الحوار وإجماع الآراء. القرارات والبيانات الرسمية هي نتيجة تصويت الأعضاء، وليس فقط الإدارة. وقد أشار ممثلو الحراك إلى أنهم أضافوا “رول” (دور) خاصاً للمصوتين (فوتر) للأشخاص الذين تم التحقق من مغربيتهم عبر اللهجة، وهم يمثلون أكثر من 5000 أو 6000 شخص.
• لجنة الصياغة: الرسالة التي وجهت إلى الملك تم صياغتها من قبل لجنة مكونة من 16 شخصاً، من ضمنهم أطباء ومحامون ودارسون للعلوم السياسية.
المواقف والاستراتيجية
• المطالب: تتلخص المطالب في إصلاحات اجتماعية واسعة (الصحة والتعليم والشغل) والمطالبة بإقالة الحكومة. وقد تم تبويب المطالب كلها تحت بنود الدستور.
• السلمية: الحركة تلتزم بالسلمية والتحضر في أسلوب النضال، وهو ما يعتبره توفيق بوعشرين من مظاهر الحداثة في المجتمع المغربي.
• القيادة الرمزية: يتعمد المنظمون عدم وجود شخص رمزي للحركة، وذلك لتجنب مصير حراك الريف، حيث أن “لو طاح الرمز صافي مايطيحش مايطيحش الحركة”.
• الخروج العلني: يفضل ممثلو الحراك عدم الكشف عن وجوههم وأسمائهم علانية، وذلك كإجراء احترازي واحتياط أمني، خوفاً من المضايقات والاعتقال الذي قد يسكت الصوت، مشيرين إلى المضايقات التي تعرض لها الصحفيون سابقاً.
• التعامل مع الأحزاب: لدى الحراك حساسية مفرطة وعدم ثقة تجاه الأحزاب والنقابات والجمعيات التقليدية، لاعتقادهم بأنها “دخلات في قيلولة طويلة” وفشلت في تمثيل الشعب. وهم مقتنعون بأن الفساد قد بلغ مداه. ويقر ممثلو الحراك أن الاختلاف الأيديولوجي (إسلامي، يساري، ليبرالي…) موجود بينهم، لكنهم متوحدون على الإصلاح.
• تجنب المؤامرات الخارجية: أكد ممثلو الحراك أن نضالهم مغربي 100% ولا علاقة له بحركات “جيل زد” في نيبال أو مدغشقر، ويرفضون نظرية التمويل أو التبعية للخارج.
تفاعل الدولة والرأي العام
• رد فعل الدولة الأولي: تعاملت الدولة في البداية بـ “استهانه” مع الدعوات الافتراضية. ولكن عندما نزل الشباب للشارع في 24 إلى 28 مدينة، شعرت الدولة بالخطر.
• الإجراءات الأمنية: لجأت السلطات إلى الاعتقالات العشوائية في الشارع أمام الكاميرات في محاولة للتخويف [10، 11]. وقد أدت هذه الأحداث إلى إصابات بين المواطنين (الذين أشارت لهم الداخلية بـ “الآخرين”). وحسب الإحصائيات التقريبية للحراك، فإن أزيد من 400 شخص تعرضوا للاعتقال أو المتابعة القضائية.
• الرد السياسي: بدأ الرد السياسي بخبير أمني، ثم الأحزاب، ثم الحكومة، ثم النيابة العامة التي هددت بعقوبات تصل إلى 20 عاماً [19، 20]. ثم جاء الخطاب الملكي الذي اعترف بمشروعية المطالب، لكنه رفض المطالبة بحل الحكومة، مشدداً على الالتزام بالإطار المؤسساتي القائم.
• تأثير الخطاب الملكي: بعد الخطاب، دخل الحراك في مرحلة تأملية وإعادة تنظيم الصفوف وتطوير الاستراتيجيات.
• الرأي العام: نجحت الحركة في تحريك الرأي العام بكل فئاته. وقد خلق هذا الحراك “رجة سياسية” و”زلزال سياسي” جعل الأسر كلها تتحدث فيه. كما أشار بوعشرين إلى أن نسبة كبيرة من الشابات شاركت في هذه المسيرات مقارنة بأي مسيرات سياسية أو اجتماعية سابقة، وهو “لافت للنظر”.
الرؤى المستقبلية والآفاق
• الاستمرارية: يصر الشباب على أن الحركة ستستمر في الضغط.
• شكل الضغط: يرى ممثلو الحراك أنهم الآن يمثلون “الصوت” الذي يجب أن يصل، وهم حالياً “قوة سياسية رقمية”.
• الحوار مع الحكومة: في حال دعتهم الحكومة للحوار، يصر ممثلو الحراك على أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش يجب أن يأتي إليهم في منصة ديسكورد، ويرفضون الجلوس معه وجهاً لوجه (جسدياً).
• مقترحات بوعشرين (الصحفي): قدم الصحفي توفيق بوعشرين عدة مقترحات للحركة، منها: التشبت بالسلمية، التفكير في أساليب ضغط جديدة، التخلي عن الحساسية المفرطة تجاه الأحزاب الممكن إصلاحها، ضرورة الانتظام في شكل من الأشكال (حزب أو تجمع أو حركة). كما اقترح فكرة إبرام “اتفاق ديل” (Deal) مع بعض الأحزاب التي تبدو قريبة من مطالبهم لدعمها انتخابياً مقابل التزامها ببرنامج إصلاحي واضح.
• وصف الحراك: وصف توفيق بوعشرين حراك جيل زد بكلمات قليلة: “أمل ومستقبل”. وختم بأن هذا الحراك يمثل “طاقة تجديد ووعي نادرة في بيئتنا المغربية”، حيث يدافع الشباب عن حلم جماعي وليس فردي.