تظاهرات الشعب المغربي تضامناً مع الشعب الفلسطيني، تاقضية والعلاقة ووالانعكاسات الديلبوماسية

الحدث

في الآونة الأخيرة، شهدت العاصمة المغربية الرباط مسيرة شعبية ضخمة وصفت بـ”المليونية”، كما خرج المغاربة من مختلف المدن والفئات والتوجهات للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في ظل الصراع المستمر، خاصة مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

هذه التظاهرات تأتي كجزء من سلسلة احتجاجات شهدها المغرب منذ أكتوبر 2023، لكنها تميزت بحجمها الكبير وسلميتها، حيث رفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وهتفوا بشعارات تندد بالاحتلال وتطالب بإنهاء التطبيع مع إسرائيل.

القضية

القضية الفلسطينية تحتل مكانة خاصة في وجدان الشعب المغربي، حيث يُنظر إليها كقضية وطنية وعربية وإسلامية. هذا التضامن متجذر تاريخياً، حيث كان المغرب دائماً من الدول الداعمة للحق الفلسطيني، سواء عبر مواقف رسمية أو شعبية. التظاهرات تعكس رفضاً شعبياً واسعاً للعدوان الإسرائيلي، خاصة في ظل ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين في غزة، وتأكيداً على المطالبة بحقوق الفلسطينيين في أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة. كما عبرت عن استياء شعبي من استمرار اتفاقيات التطبيع التي أبرمها المغرب مع إسرائيل في 2020 ضمن “اتفاقيات أبراهام”، والتي يراها الكثيرون تناقضاً مع الموقف الشعبي.

العلاقة

العلاقة بين التظاهرات والقضية الفلسطينية تتجلى في كونها تعبيراً عن نبض الشارع المغربي الذي يرى في القضية الفلسطينية رمزاً للعدالة والمقاومة ضد الظلم. التظاهرات لم تكن مجرد رد فعل على الأحداث الأخيرة، بل تأكيد على استمرارية التضامن المغربي الشعبي، والذي تجسد في آلاف المسيرات والوقفات منذ بدء التصعيد في غزة.

هذه التحركات، التي تقودها هيئات مثل الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، تهدف إلى الضغط على الحكومة المغربية لإعادة تقييم علاقاتها مع إسرائيل، خاصة في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد التطبيع.

التظاهر أيضاً رسالة إلى المجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية تظل حية في الوجدان العربي.

المخاطر الدبلوماسية

التظاهرات، رغم سلميتها، تحمل مخاطر دبلوماسية محتملة على عدة مستويات:

  1. توتر العلاقات مع إسرائيل: المغرب، منذ توقيع اتفاقيات التطبيع في 2020، بنى علاقات دبلوماسية واقتصادية مع إسرائيل، تشمل التعاون الأمني والتجاري. الاحتجاجات الشعبية المناهضة للتطبيع قد تضع الحكومة في موقف حرج، حيث يصعب التوفيق بين الالتزامات الدبلوماسية والضغط الشعبي المتزايد.
  2. التأثير على العلاقات مع الولايات المتحدة: التطبيع المغربي مع إسرائيل جاء برعاية أمريكية، مقابل الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. تصعيد الاحتجاجات قد يثير مخاوف واشنطن من تراجع المغرب عن التزامه، مما قد يؤثر على الدعم الأمريكي في قضية الصحراء.
  3. التوازن الداخلي: الحكومة المغربية تواجه تحدياً في إدارة هذا الحراك الشعبي دون أن يتحول إلى أزمة سياسية داخلية. قمع الاحتجاجات قد يُشعل توترات اجتماعية، بينما الاستجابة لمطالب إلغاء التطبيع قد تُضعف موقف المغرب دبلوماسياً.
  4. العلاقات مع الدول العربية والأفريقية: التظاهرة قد تعزز صورة المغرب كداعم للقضية الفلسطينية شعبياً، لكنها في الوقت ذاته قد تُحرج الحكومة أمام دول أفريقية أو عربية تتبنى مواقف مماثلة ضد التطبيع، مما يضع المغرب في موقف دبلوماسي معقد.

الخلاصة

التظاهرة المليونية في الرباط والتظاهرات الكبيرة في باقي المدن المغربية تُبرز عمق ارتباط الشعب المغربي بالقضية الفلسطينية، معبرة عن رفض شعبي واسع للعدوان الإسرائيلي والتطبيع. لكنها في الوقت ذاته تُلقي بظلالها على السياسة الخارجية المغربية، حيث تواجه الحكومة تحديات دبلوماسية في الحفاظ على توازن بين التزاماتها الدولية ونبض شارعها الداخلي. هذا الحراك يؤكد أن القضية الفلسطينية تظل عاملاً حيوياً في تشكيل الرأي العام المغربي، وقد يدفع إلى إعادة تقييم السياسات إذا استمرت الضغوط الشعبية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى