ترامب والمتظاهرون.. هل يهدد قانون RICO حرية التعبير في أمريكا؟

واشنطن – 16 سبتمبر 2025

في حادثة أثارت جدلاً واسعاً حول حدود حرية التعبير في الولايات المتحدة، تعرض الرئيس دونالد ترامب للاحتجاج من قبل متظاهرين يدعمون القضية الفلسطينية أثناء تناوله العشاء في مطعم فاخر في العاصمة واشنطن دي سي. وفقاً لتقارير إعلامية، صاح المتظاهرون شعارات مثل “حرروا فلسطين” و”حرروا واشنطن“، مما دفع ترامب إلى وصف المتظاهرة الرئيسية بأنها “مثيرة مدفوعة الأجر“، واقتراح التحقيق في الأمر بموجب قانون RICO لمكافحة الجريمة المنظمة.

الحادثة وقعت يوم 9 سبتمبر الجاري في مطعم “جو سي فود” (Joe’s Seafood)، حيث كان ترامب يتناول العشاء مع نائبه جي دي فانس ووزير الخارجية مايك بومبيو. فيديوهات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر المتظاهرين يواجهون الرئيس بشعارات تدعم فلسطين، مما أثار رد فعل سريعاً من ترامب الذي ربط الأمر بتمويل خارجي، مشيراً إلى الملياردير جورج سوروس كممول محتمل للاحتجاجات. وفي تصريحات لاحقة، قال ترامب إنه طلب من محاميته بام بوندي النظر في رفع دعاوى قضائية بموجب قانون RICO، معتبراً أن هذه الاحتجاجات جزء من “تخريب” للبلاد.

لكن هذا الاقتراح أثار مخاوفاً قانونية ودستورية. قانون RICO، الذي صدر عام 1970 لمكافحة الجريمة المنظمة مثل المافيا، يتطلب إثبات وجود منظمة إجرامية مستمرة تشارك في أنماط من النشاط الإجرامي. استخدامه ضد متظاهرين سياسيين، كما حدث في بعض القضايا السابقة مثل احتجاجات “كوب سيتي” في أتلانتا، غالباً ما يُرفض من قبل المحاكم لعدم توافر العناصر الإجرامية. يقول خبراء قانونيون إن مثل هذه الاقتراحات قد تشكل انتهاكاً للتعديل الأول، الذي يحمي التعبير السياسي حتى لو كان مزعجاً أو معارضاً للسلطة.

في سياق أوسع، تعكس الحادثة التوتر المتزايد حول قضية الشرق الأوسط في السياسة الأمريكية. ترامب، الذي يفخر باتفاقيات إبراهيم التي توسط فيها خلال ولايته الأولى، يرى في هذه الاحتجاجات محاولة لتقويض إنجازاته. ومع ذلك، يؤكد نشطاء حقوقيون أن الاحتجاج السلمي في الأماكن العامة جزء أساسي من الديمقراطية الأمريكية، وأن وصف المتظاهرين بـ”مدفوعي الأجر” دون دليل يشبه حملات التشويه التي شهدتها الولايات المتحدة في فترات سابقة مثل حقبة ماكارثي.

منظمات مثل “كود بينك” (Code Pink)، التي شاركت في الاحتجاج، نفت أي تمويل خارجي وأكدت أن الفعالية كانت تعبيراً عفوياً عن رفض سياسات ترامب تجاه فلسطين. وقالت المنظمة في بيان: “هذا ليس تخريباً، بل صوتاً للعدالة”. في المقابل، يدافع أنصار ترامب عن حقه في تناول عشائه دون إزعاج، لكن القانون يميز بين الإزعاج الشخصي والتعبير السياسي.

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد تكون هذه الحادثة إشارة إلى تصعيد في الجدل حول الحقوق المدنية. هل سيؤدي ذلك إلى مزيد من القيود على الاحتجاجات، أم سيعزز من التزام أمريكا بحرية التعبير؟ الإجابة تعتمد على كيفية تعامل المحاكم والرأي العام مع مثل هذه الاقتراحات. في النهاية، تذكرنا هذه الحادثة بأن الديمقراطية الحقيقية تتحمل الاحتجاج، لا تقمعه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!