تاونات: “نداء الكرامة” يُعلن برنامجاً نضالياً شاملاً للعدالة المجالية ويُحرّك الشارع ضد التهميش

تاونات – 23 أكتوبر 2025

في خطوة تعكس تصاعد الغليان الاجتماعي الذي يعصف بإقليم تاونات منذ أشهر، أصدرت لجنة “نداء الكرامة” بياناً موجهاً إلى الرأي العام يوم 22 أكتوبر الجاري، والذي وزع على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحصلت الجريدة على نسخة منه، يُعلنُ فيه عن برنامج نضالي يهدف إلى “تحقيق تنمية مجالية مندمجة حقيقية“، تُعالج الاختلالات البنيوية العميقة في الإقليم.

وتأتي هذه المبادرة في سياق سلسلة من الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المنطقة مؤخراً، بما في ذلك وقفات أمام مقر العمالة تفضح واقع التنمية المتعثر، ولقاءات مع السلطات المحلية لتقديم الملف المطلبي، إلى جانب حملات تشهير وتحريض ضد نشطاء اللجنة.

وفقاً للبيان، الذي يصف الوضع في تاونات بأنه “شلل مؤسساتي” يُفاقم الفوارق المجالية والاجتماعية، ويُغيب “مؤسسات الوساطة بين الدولة والمجتمع“، برزت حركة اجتماعية جماهيرية مواطنة تُركز على عشر مطالب أساسية، تُلامس قضايا الصحة، التعليم، الماء، البيئة، والفساد، في محاولة للقطع مع “الفساد الذي أصبح ينخر كل مناحي الحياة بالإقليم“. ويُؤكد البيان أن هذا الحراك “يشكل المداخل الكبرى للعدالة الاجتماعية والمجالية“، ويُساهم في تنزيل “دولة الرعاية الاجتماعية“.

مطالب تُعالج الجذور: من فك العزلة إلى مكافحة الفساد

يُسرد البيان المطالب بدقة، مُبرزاً الحاجة إلى تدخلات جذرية لمعالجة التهميش المزمن الذي يُعاني منه الإقليم، حيث تُشير التقارير إلى ارتفاع معدلات الانتحار والغليان الاجتماعي الناتج عن نقص الخدمات الأساسية.

ومن أبرزها:

  • فك العزلة: تشييد طرق مصنفة تتحملها وزارة التجهيز، وفتح مسالك قروية على عاتق مجلس الجهة والجماعات الترابية، لكسر “العزلة” عن المناطق النائية.
  • الحق في الصحة: إحداث مراكز استشفائية جديدة وترميم المتواجدة، مع إعادة التجهيز وإنشاء مصالح للأم والطفل والتوليد، بالإضافة إلى تعزيز الموارد البشرية وتوفير الاستقرار للأطر الصحية، مع التركيز على الحكامة.
  • التعليم والتمدرس: بناء مدارس تليق “بالحد الأدنى من الكرامة“، وتقوية شبكة النقل المدرسي للعالم القروي، لمكافحة الهدر المدرسي.
  • القطب الجامعي: إحداث جامعة قادرة على استيعاب أبناء الإقليم، بـ”هندسة بيداغوجية تتماشى مع متطلبات سوق الشغل“.
  • أزمة الماء: توفير الماء الصالح للشرب عبر استثمار السدود الكبرى والتلية، لمعالجة “العطش” الذي يُهدد الساكنة.
  • الحماية البيئية: تعزيز التنوع الإيكولوجي ومعالجة الثلوث البيئي “بشكل صارم“، كتحدٍّ لالتزامات الدولة في قمم المناخ وأهداف التنمية المستدامة.
  • صغار مزارعي القنب: رد الاعتبار لهم وإعادة النظر في سلسلة القيمة، لإنقاذهم من “حطب نار كبار اقتصاد الريع“.
  • التشغيل والتمكين: برامج مقاولاتية للشباب في الوسطين الحضري والقروي، ومشاريع تمكين اقتصادي للنساء، مع تعميم “أمو تضامن” للفئات الهشة.
  • المشاريع الفلاحية والسياحية: تنزيل تشاركي لـ”الجيل الأخضر“، مشاريع سياحية جبلية إيكولوجية، وخلق مناطق صناعة تقليدية، مع إحداث مراكز قروية مندمجة وتعزيز الرأسمال اللامادي.
  • مكافحة الفساد: دعوة المؤسسات الدستورية وهيئات التفتيش إلى فتح ملفات الفساد وتدقيقها بكل أشكالها.

يُشدد البيان على أن هذه المطالب “عادلة ومشروعة“، ويُثبت اللجنة تشبثها بها رغم “المناورات الدنيئة والأشكال القمعية المباشرة وغير المباشرة“، في إشارة إلى التوترات الأخيرة مع السلطات، بما في ذلك رفض الحوار في بعض الحالات وتنظيم مسيرات احتجاجية سابقة في قرية با محمد.

إعلانات نضالية: ندوة ومسيرات لتعبئة الجماهير

لتنزيل هذا البرنامج، أعلنت اللجنة عن خطوات عملية فورية: تنظيم ندوة فكرية عن بعد يوم الأحد 26 أكتوبر الساعة 21:45، بمشاركة فاعلين سياسيين وأكاديميين وجمعويين، تحت شعار “مطالب ساكنة تاونات والرهانات التنموية الممكنة“، على صفحتها الرسمية.

كما عزمت على وقفة ومسيرة احتجاجيتين بدائرة غفساي بومه يوم السبت 1 نونبر 2025، انطلاقاً من الساعة 11 صباحاً أمام ثانوية الإمام الشطيبي التأهيلية.

ودعت اللجنة “كل الإطارات السياسية والنقابية والجمعوية الجادة” بالإقليم إلى المشاركة، وأطلقت دعوة مكثفة لساكنة جميع الدوائر بالانخراط “الوازن” في هذه “المحطة النضالية”، مُنهية البيان بشعارات تُمجد “نضالات الجماهير الشعبية” و”الساكنة التاوناتية”.

رهان على التغيير: هل يُسمع صوت تاونات؟

يأتي هذا البيان في وقت يُعاني فيه إقليم تاونات من احتقان اجتماعي متزايد، حيث تُشير الدراسات إلى تحديات اقتصادية واجتماعية عميقة، من نقص الاستثمارات إلى صعوبات الحصول على رخص البناء في المناطق القروية، مما يُعمق الشعور بالتهميش.

ومع تصاعد النشاطات النضالية لـ”نداء الكرامة” – التي أصبحت رمزاً للحراك الشعبي في الإقليم – يتساءل الرأي العام: هل ستُجبر هذه المطالب السلطات على إعادة النظر في برامج التنمية، أم ستُضاف إلى سجل الوعود المتعثرة؟

الإجابة تكمن في قوة الشارع التاوناتي، الذي يُصر على “العيش الكريم” بعيداً عن قدر الإهمال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!