الوصاية المرفوضة… من يحاول تكميم الصحافة الرياضية؟

عبدالصمد بلعزيز – عالم اونلاين

من جديد، وجدت الصحافة الرياضية الوطنية نفسها أمام منعطف خطير لا يمكن المرور عليه مرور الكرام. فقرار السيد الوزير بتنصيب “جمعية الناشرين” كوصيّ على الجسم الصحفي الرياضي، وبمباركة رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يطرح أكثر من علامة استفهام حول خلفيات هذا التوجه، وحول جدوى إقصاء رجالات الصحافة الرياضية الذين صنعوا التاريخ، وبنوا بعرقهم واحترافهم هذا الصرح الإعلامي.

لقد كنا نعتقد ـ ومعنا كثيرون من أبناء المهنة ـ أن الاجتماع الأخير الذي جمع السيد الوزير برؤساء الجمعيات الصحفية الرياضية الستة والقانونية، سيكون خطوة تاريخية نحو توحيد الصف، وبداية عملية لخلق فيدرالية قوية تكون المخاطب الوحيد والشرعي باسم الصحافة الرياضية الوطنية أمام المؤسسات والهيئات الدولية. غير أن هذا الأمل سرعان ما تبخر، بعدما فوجئنا جميعًا بقرار إسناد هذه “الوصاية” لجمعية لا علاقة لها بالصحافة الرياضية، لا من قريب ولا من بعيد، بل تمثل جزءًا من لوبي اقتصادي ـ نقابي هدفه الأساسي الدفاع عن مصالح ناشري المقاولات الإعلامية، وليس الدفاع عن الصحفيين الرياضيين ولا عن قضايا المهنة.

إن الصحافة الرياضية المغربية لم تولد بالأمس، ولم تنشأ في فراغ. إنها مدرسة لها تاريخها، ورجالاتها الذين أعطوا الكثير في الميدان، وصنعوا أمجاد المهنة داخل المغرب وخارجه. هؤلاء الذين حملوا الكاميرا والقلم، ونقلوا الأحداث من قلب الملاعب، وغامروا بحياتهم أحيانًا في سبيل أن تصل الكلمة والصورة إلى الرأي العام. هؤلاء لا يحتاجون إلى وصاية، ولا يقبلون أن يُسحب البساط من تحت أقدامهم لصالح هيئة غريبة عن مجالهم.

إن ما جرى اليوم، للأسف، لا يمكن وصفه إلا بـ”المهزلة”، لأنه يفرغ أي حديث عن إصلاح أو تنظيم المشهد من معناه الحقيقي. كيف يعقل أن تُقصى الصحافة الرياضية الوطنية ـ الممثلة الوحيدة بشكل رسمي لدى الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية (AIPS) ـ لصالح جمعية لا تعترف بها لا الهياكل الدولية ولا القوانين الوطنية كجسم مهني مختص؟

الفيدرالية الوطنية للصحافة الرياضية ـ بما تمثله من امتداد مؤسساتي وشرعية قانونية ـ لن تسكت عن هذا الوضع. بل تؤكد أن ما حدث هو محاولة خطيرة لإضعاف الجسم الصحفي الرياضي، وتحجيم دوره، وتفكيك وحدته. وهو ما يتناقض مع كل شعارات الديمقراطية والحكامة التي يتم الترويج لها.

إننا ندعو السيد الوزير إلى إعادة النظر في هذا القرار، وفتح حوار جاد ومسؤول مع ممثلي الصحافة الرياضية الشرعيين، بعيدًا عن منطق الإقصاء والترضيات، لأن مصلحة المهنة فوق كل اعتبار. كما ندعو كل الفاعلين والمؤسسات الوطنية إلى الانتباه إلى خطورة ترك هذا الملف في يد جهات لا تملك الشرعية ولا الأهلية القانونية.

الصحافة الرياضية المغربية ليست مجرد تفصيل صغير في المشهد الإعلامي، بل هي رافعة أساسية للديمقراطية الرياضية، ومرآة صادقة لما يجري في الملاعب والكواليس. ولن تقبل أن يتم اختزالها في جمعية غريبة عنها، أو أن يُفرض عليها وصيّ لا يمثلها.

لقد آن الأوان للخروج من هذا النفق المظلم، وإعادة الاعتبار للصحافة الرياضية الوطنية، برجالاتها وتاريخها ومؤسساتها الشرعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!