النقابة الوطنية للصحافة المغربية تندد بتجاوزات اللجنة المؤقتة وتدعو إلى احترام الشرعية القانونية

الرباط، 5 ماي 2025
في ظل تصاعد التحديات التي تواجه الجسم الصحفي المغربي، عقد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية اجتماعًا هامًا يوم الجمعة 2 ماي 2025 بالرباط، لمناقشة جملة من القضايا التنظيمية والمهنية التي تهم القطاع. وقد خصص الاجتماع حيزًا كبيرًا لتدارس اختلالات تدبير اللجنة المؤقتة لشؤون الصحافة والنشر، والتي أثارت استياءً واسعًا بسبب ما وصفته النقابة بـ”التجاوزات القانونية والانتقائية” في منح البطاقة المهنية ومعالجة قضايا الأخلاقيات والتأديب.
تقرير حرية الصحافة وتحديات البطاقة المهنية
استهل الاجتماع بالتدقيق في الصياغة النهائية للتقرير السنوي حول حرية الصحافة وأوضاع الصحافيين، والذي يعد وثيقة مرجعية تعكس واقع المهنة وتحدياتها. كما ناقش المكتب التنفيذي تدبير اللجنة المؤقتة، التي أثيرت حولها تساؤلات حادة بشأن شفافية منح البطاقة المهنية لسنة 2025. وأشار المكتب إلى تلقي النقابة شكايات يومية من صحافيين بشأن رفض ملفاتهم بتبريرات غير قانونية، أو تعليق طلباتهم تحت ذرائع واهية مثل “في طور المعالجة” أو “استكمال الملف”، في ظل غياب معايير واضحة وتغييب للنقابة عن لجنة دراسة الملفات.
وفي هذا السياق، جدد المكتب التنفيذي تأكيده على موقفه الوارد في بلاغ 28 أكتوبر 2024، الذي دعا إلى سحب النظام الخاص بتنظيم الولوج إلى المهنة، وهو القرار الذي صادق عليه المجلس الوطني للنقابة في دورته بالمحمدية يوم 2 نونبر 2024. كما استنكر تغييب النقابة عن لجنة البطاقة المهنية، رغم حضورها التاريخي فيها بفضل شرعيتها الانتخابية داخل المجلس الوطني للصحافة قبل تشكيل اللجنة المؤقتة. وأشار إلى أن الرد الذي تلقته النقابة من رئيس اللجنة المؤقتة بتاريخ 21 يناير 2025 لم يقدم تبريرات مقنعة لهذا الإقصاء، بل اعتمد تأويلًا مغلوطًا للقانون 13/90 لتبرير استبعاد النقابة.
مطالب بالشفافية وإصلاح الاختلالات
أعلن المكتب التنفيذي موقفًا حازمًا يقضي بعدم شرعية البطاقة المهنية لسنة 2025 ما لم يتم معالجة الاختلالات المسجلة، ونشر لوائح الحاصلين عليها بشفافية تامة، مع إشراك النقابة في الاطلاع على قرارات الرفض وتبريراتها. كما دعا اللجنة المؤقتة إلى عقد اجتماع موسع لتقديم حصيلة عملها وتوضيح آليات اشتغالها، مؤكدًا أن النقابة، بصفتها الفاعل الرئيسي المتمتع بالشرعية الانتخابية والتاريخ النضالي، لن تقبل باستمرار الغموض الذي يكتنف تدبير القطاع.
استهداف قياديين وتجاوزات لجنة الأخلاقيات
تناول الاجتماع أيضًا عمل لجنة الأخلاقيات والتأديب التابعة للجنة المؤقتة، والتي أثارت جدلًا واسعًا بسبب قراراتها التي وصفتها النقابة بـ”الانتقائية والتعسفية”. وفي هذا الصدد، ركز المكتب على حالتي الزميلين محمد الطالبي وجواد الخني، اللذين تعرضا، بحسب النقابة، لـ”مجزرة مسطرية وقانونية” تكشف عن نزعة انتقامية مبرمجة.
في حالة محمد الطالبي، اعتبرت النقابة أن استهدافه بسبب تدوينة على منصة خاصة تطالب بالكشف عن معطيات تتعلق بتدبير المجلس الوطني للصحافة يشكل “تكميمًا للأفواه” وانتقاءً مكشوفًا، خاصة أن تدوينات أخرى مماثلة لم تُتابع. وأشارت إلى أن متابعة الطالبي بسبب منشور خارج نطاق الممارسة الصحفية يعد خرقًا قانونيًا، كما أن إسناد رئاسة لجنة الاستئناف إلى رئيس اللجنة المؤقتة، وهو المشتكي في القضية، يشكل تناقضًا صارخًا ينتهك مبدأ الحياد.
أما في قضية جواد الخني، فقد استنكرت النقابة تحول لجنة الأخلاقيات إلى طرف في الخصومة، مما أضعف مبدأ الحياد وضرب متطلبات المحاكمة العادلة. كما سجلت بقلق صدور قرار باسم أشخاص لم يشاركوا في مناقشة القضية، وهو ما يخالف الأصول القانونية. وأضافت أن عدم الكشف عن القانون الداخلي للجنة المؤقتة، إن وجد، يعد تعتيمًا يضرب شفافية الإجراءات.
دعوة إلى احترام القانون وخطوات نضالية
أمام هذه التجاوزات، أعلن المكتب التنفيذي رفضه القاطع لمسار يفتقر إلى الشرعية القانونية والدستورية، مخاطبًا ممثلي المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان باللجنة المؤقتة لدفعها نحو احترام القانون. كما دعا إلى تسريع إصدار القوانين المنظمة للمهنة، محذرًا من استمرار التدبير المؤقت الذي تحول إلى عبء على القطاع.
وقرر المكتب تشكيل لجنة للحوار مع المؤسسات الدستورية لتقييم اختلالات التدبير المؤقت، مع إعلان التضامن الكامل مع الزميلين الطالبي والخني وكل من لم يتمتع بمحاكمة عادلة. كما أعلن التهيئ لخطوات نضالية احتجاجية وإعلامية سيتم الإعلان عنها لاحقًا، بهدف التصدي للتراجعات التي تهدد التنظيم الذاتي للمهنة.
ختاما
تؤكد النقابة الوطنية للصحافة المغربية تمسكها بدورها كحامية للجسم الصحفي وحقوق الصحافيين، داعية إلى إصلاحات جذرية تضمن شفافية وعدالة تدبير القطاع.
وفي ظل التحديات الراهنة، تبقى النقابة ملتزمة بالنضال من أجل مهنة صحافية حرة ومستقلة، تحترم القانون وتعزز مكانتها كركيزة أساسية للديمقراطية.