المملكة وعبقرية الفوتبول

اثناء الإعلان عن البلد المضيف لكأس ألعالم 2030 ، قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA ، ان ما يجمع هذه الدول ( المغرب ، اسبانيا والبرتغال) من اتساق ثقافي واجتماعي رهين بنجاح هذه البطولة التي تصادف ذكراها الموءية والتي انطلقت من الاوروغواي عام 1930 .
كنت دائما من الميالين الى فكرة الاندماج والتمدد جنوبا نحو غرب افريقيا ، لما يجمعنا من أواصر الاخوة والتعاون والدين والثقافة والاجتماع ، وكان توجه المملكة صحيحا ومنعشا لهذه المنطقة بدون نهج لمنطق الاستيلاب والهيمنة والاستعلاء و الاهانة واحتقار الثقافات الافريقية ، فكانت النجاحات الكبرى على كل الاصعدة ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاجتماعية ، فاصبحت منطقة غرب افريقيا قريبة من اندماج كلي ، فليس هناك اي عامل مفرق سوى الاستعمار ومخلفاته المقيتة.
كان عبد الله العروي يقول ان المملكة جزيرة في محيطها العربي والاوروبي بالمفهوم الجيوبوليتيكي ، وان ما يجمعها بالشمال اي جنوب اوروبا المتوسطية شبيه بما هو في جنوب غرب إفريقيا ، حيث كان المغرب واسبانيا والبرتغال يشكلون مجالا حضاريًا واحدا ، فساد التعايش والاندماج والتعاون والتفاهم بين الأديان والثقافات والحضارات والاعراق … فادارت الدولة المرابطية والموحدية بلاد المغرب والاندلس وغرب افريقيا ، فكان الانتاج العلمي غزيرا ، في الموسيقى والأدب والرياضيات والطب وعلم الفلك وعلم المقاصد وعلم البصريات وعلم التطبيب بالموسيقى وعلوم الاديان ، وقصة الشَعْرِ ، والقفطان ، والتجميل ، والحمامات ، والفنادق ، والكرنفالات في القرى الجميلة ، وتسافر بين الضفتين وانت مثقل بالحضارة .
رغم ما تخلل هذه المرحلة التاريخية من حروب طائفية وحروب كبرى ( ليككة، الزلاقة ، العقاب ، بواتييه ،الملوك الثلاثة…) فان المشترك أقوى من تجارة الحرب وما يسمى بالاسترداد .
ان للمملكة ان تستعيد جناحها الشمالي ، وتبني علاقات أستراتيجية كبرى ، فالعوامل التاريخية والثقافية تساعد على بناء محيط جيوبوليتيكي رأسه المملكة وصدره بقية البقية ، فالشمال عينه على السوق الافريقية والجنوب همه استعادة ما في الامكان من تكنولوجيا ورؤوس الاموال بدون دنية ومذلة.
وكلأ الجناحين محتاج الى هذه المملكة التي تتوسط العالم ، ولها التاثير الكبير على شمال اوروبا وجنوب افريقيا .
فالمملكة تربطها اتفاقيات دولية وثنائية بين معظم دول ألعالم المؤثرة في العلاقات الدولية ، اتفاقية التجارة والتبادل الحر مع الولايات المتحدة الاميركية ، اتفاقية طريق الحرير مع الصين ، إتفاقية التبادل التجاري والصيد البحري مع الإتحاد الاوروبي ، الإتفاق التجاري والاقتصادي مع الإتحاد الفدرالي الروسي ، التعاون التجاري والعسكري مع تركيا ، التعاون الاقتصادي والتجاري مع الهند ودول امريكا اللاتينية ، ناهيك عن إتفاقيات ثنائية مع العديد من دول العالم وعلى مستوى كل القارات…
مجملًا فان المملكة أمام فرصة جديدة لبناء مشروع للمستقبل يكمل اندماجها مع دول غرب افريقيا ، ويخرجها من المشاكل الموجودة على البوابة الشرقية العربية المثقلة بالأزمات السياسية وانسداد الأفق الاستراتيجي للنخب العسكرية المسيطرة والمتحالفة مع الاستعمار القديم للقارة الافريقية ، فالتوجه نحو شبه القارة الايبيرية رهان المستقبل .

كاسة البشير مونبليي 08/10/2023

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى