المحامي شماعو: أزمة الصحافة المغربية، رؤية نقدية للواقع وتحديات الحرية

في سياق يتسم بالتحديات المتصاعدة التي تواجهها الصحافة المغربية، قدم المحامي شماعو من خلال مداخلة له بالندوة المنظمة من طرف الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالرباط يوم السبت 12 ابريل 2025, تحليلاً عميقاً للعلاقة المضطربة بين الحكومة المغربية والإعلام المستقل. مسلطا الضوء على قضايا جوهرية تتعلق بحرية التعبير، واستقلالية الصحافة، والتدخلات القانونية والمالية التي تهدد تنوع الإعلام ودوره في المجتمع.

يأتي هذا التحليل ليعكس صورة معقدة للواقع الإعلامي، حيث تتداخل السياسة والقضاء والاقتصاد في تشكيل مستقبل الصحافة المغربية.

1. استهداف الصحافة عبر القضاء:

يبرز المحامي شماعو قضية الصحفية حنان بكور كمثال صارخ على توظيف القضاء ضد الصحفيين. فقد تقدم رئيس الحكومة بشكوى شخصية ضد بكور، طالباً توقيفها بسبب تعليقات وصور نشرتها، في خطوة وصفها شماعو بأنها غريبة وتكشف عن سوء فهم لقيم حرية التعبير.

ويؤكد بما أن هذه الشكوى، التي جاءت باسم حزب سياسي، تعكس تناقضاً في الخطاب الحكومي حول دعم الصحافة.

كما انتقد سحب صفة الصحفية من بكور، معتبراً أن تصنيف منشوراتها كـ”خاصة” يهدف إلى تجريدها من حقوقها المهنية، في تناقض مع حالات مشابهة تم التعامل معها بمعايير مختلفة. ويضيف أن اللجوء المتكرر إلى القانون الجنائي، بتهم مثل التحريض والتشهير، يعكس استراتيجية للسيطرة على الإعلام.

2. تهديدات مشروع قانون المسطرة الجنائية:

حذر شماعو من مشروع قانون يمنع الجمعيات المناهضة للفساد من رفع الشكاوى أو التقاضي، معتبراً ذلك انتهاكاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومدونة الصحافة والنشر.

ووضح أن هذا التوجه يحد من قدرة الصحفيين على إثبات صحة ما ينشرونه، إذ يعتمدون غالباً على الشكاوى القضائية كدليل.

كما انه يرى أن هذا القانون قد يقوض الحق في حرية التعبير ويعيق الرقابة على الفساد.

3. إعادة هيكلة العلاقة مع الإعلام:

الى ذلك انتقد شماعو سياسة الحكومة في اختيار “شركاء موثوقين” من بين المنظمات الصحفية بدلاً من دعم الهياكل القائمة، متهماً إياها بمحاولة تقسيم القطاع الإعلامي. بل وصف هذا النهج بـ”البلقنة”، حيث تسعى الحكومة للسيطرة على الإعلام عبر التمويل أو الوسطاء، مما يهدد استقلاليته وتنوعه.

4. تعيين رئيس المجلس الوطني للصحافة:

كم اعبر شماعو عن قلقه إزاء مشروع قانون يقترح تعيين رئيس المجلس الوطني للصحافة لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، معتبراً ذلك تراجعاً خطيراً عن مبدأ الاستقلالية المنصوص عليه في الدستور. ويؤكد أن هذا التوجه يناقض المعايير الدولية ويهدد الحكم الذاتي للمؤسسة.

5. إدارة الاعتمادات الصحفية:

واستنكر شماعو تفويض المجلس الوطني للصحافة إدارة بطاقات الولوج إلى الملاعب الرياضية لجمعية حديثة العهد في تخل تام عن العصبة الرياضية، التي تربطها علاقات مع هيئات رياضية دولية، معتبراً ذلك تخلياً عن صلاحياته الأساسية. محذرا من مخاطر توسيع هذا النموذج إلى قطاعات أخرى، مما قد يجعل الصحفيين تحت رحمة جهات غير محايدة.

6. تعريف المؤسسة الصحفية:

يشير شماعو إلى مخاوفه من توجه الحكومة نحو دعم المؤسسات الإعلامية الكبرى على حساب الصغيرة والمتوسطة، مما يهدد التنوع الإعلامي ويزيد من هشاشة الصحفيين.

7. إصلاح الدعم المالي للصحافة:

ينتقد شماعو النظام الجديد للدعم المالي الذي يعتمد على حجم المبيعات، معتبراً أنه يفضل المؤسسات الكبيرة ويهمل الشباب والشركات الناشئة. ويطالب بتوجيه الدعم نحو تحسين أوضاع الصحفيين وتطوير التكنولوجيا، بدلاً من تعزيز هياكل قد تخدم مصالح محددة.

8. ضرورة إصلاح القوانين:

وختم شماعو تدخله بالدعوة إلى إخضاع قضايا الصحافة للقضاء المدني بدلاً من الجنائي، وفقاً لتوصيات الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن القضاء الجنائي يميل إلى نهج عقابي يضر بحرية التعبير. كما يطالب بتسهيل وصول المواطنين إلى العدالة في قضايا التشهير، ومراجعة القوانين المتعلقة بالسب والقذف لتمييز الأفراد عن المؤسسات، مع الأخذ بعين الاعتبار حسن نية الصحفي كعامل أساسي في الحكم.

إجمالا يمكننا القول أن المحامي شماعو رسم صورة مقلقة لواقع الصحافة المغربية، حيث تتعرض لضغوط قانونية ومالية تهدد استقلاليتها وتنوعها.

تحليلاته تكشف عن تحديات عميقة تواجه حرية التعبير، وتدعو إلى إصلاحات جذرية تضمن حماية الصحفيين وتعزز دورهم في بناء مجتمع ديمقراطي.

والاكيد بالنسبة لنا ان استمرار هذه التحديات يستوجب نقاشاً مجتمعياً واسعاً لإعادة تقييم العلاقة بين الدولة والإعلام، بما يضمن احترام المبادئ الدستورية والدولية لحرية الصحافة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى