المجلس الجماعي لسيدي موسى لمهاية.. غياب الحصيلة وتضاؤل الآفاق

تُعد جماعة سيدي موسى لمهاية، التي تأسست عام 1992، واحدة من الجماعات الريفية ذات الكثافة السكانية المهمة، حيث بلغ عدد سكانها وفق إحصائيات 2024 حوالي 6062 نسمة، موزعين على 11 دائرة انتخابية تضم العديد من الدواوير.

ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على تأسيسها، وتجاوزها لمرحلة الانطلاق بنجاح نسبي، إلا أن المجلس الجماعي الحالي، الذي تولى مهامه بعد انتخابات 16 نوفمبر 2022، لم يتمكن من الوفاء بتطلعات الساكنة. فما الذي يعيق هذا المجلس؟ ولماذا تظل الجماعة تعاني من نقص في التنمية رغم الأغلبية المريحة التي يتمتع بها؟

تشكيل المجلس: بداية واعدة أم وهم الاستقرار؟

جاءت انتخابات 2022 لتكرس فوز حزب التجمع الوطني للأحرار بمقعد رئاسة المجلس، بدعم من عضوتين من حزب الأصالة والمعاصرة، في خطوة ضمنت أغلبية مريحة.

كان هذا الفوز يُبشر باستقرار سياسي وإداري، لكن بعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات، لم يترجم هذا الاستقرار إلى إنجازات ملموسة. فالساكنة، التي كانت تأمل في تنفيذ الوعود الانتخابية، تواجه اليوم تحديات متعددة، من نقص في البنية التحتية إلى غياب مشاريع تنموية حقيقية، مما يثير تساؤلات حول فعالية المجلس وكفاءة تسييره.

تحديات الجماعة: نقص مزمن وغياب رؤية

تعاني جماعة سيدي موسى لمهاية من تحديات هيكلية تؤثر على جودة حياة سكانها. فعلى صعيد البنية التحتية، لا تزال الجماعة تعاني من نقص في التجهيزات الأساسية، مثل الإنارة العمومية التي تفتقر إلى التغطية الشاملة، حيث تُراعى فيها الأولويات الانتخابية بدلاً من مبدأ العدالة المجالية. كما أن شبكة الماء الصالح للشرب لم تصل بعد إلى بعض الدواوير، فيما تظل الطرق والمسالك الريفية في حالة متردية بسبب غياب برنامج طرقي مدروس.

على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، يغيب التنشيط الثقافي بشكل كامل، ولم يتم إطلاق أي برامج لتأهيل الشباب أو دعم المرأة. كما لم تستفد الجماعة من مبادرات إنشاء المقاولات أو الأنشطة المدرة للدخل، مما يفاقم من معاناة العاطلين عن العمل. هذا الوضع يتناقض مع ما تشهده جماعات مجاورة، التي نجحت في تبني سياسات تنموية منفتحة وحققت تقدمًا ملحوظًا في تطوير بنياتها الأساسية.

تسيير معطوب: انفرادية وغياب الرؤية الجماعية

يُعزى الفشل التنموي للمجلس، حسب اعضاء من المعارضة، إلى عدة عوامل إدارية وسياسية.

أولاً، يعاني المجلس من غياب رؤية استراتيجية واضحة، حيث يعتمد في تدبيره على نهج ارتجالي يفتقر إلى تشخيص دقيق لواقع الجماعة.

ثانيًا، تسود الانفرادية في اتخاذ القرارات، حيث يغيب التنسيق بين أعضاء المجلس، وتظل المعلومات محصورة ضمن دائرة ضيقة من المكتب المسير.

ثالثًا، يعاني المجلس من لامبالاة بعض أعضائه، مما يعيق تفعيل الشراكات مع مؤسسات الدولة، مثل مجلس الجهة ومجلس عمالة وجدة أنجاد، التي كان يمكن أن تساهم في تغطية الخصاص.

على عكس جماعات أخرى استفادت من إحداث مجموعة الجماعات والشراكات التنموية، فإن المجلس الجماعي لسيدي موسى لمهاية لم يتمكن من توظيف هذه الفرص بشكل فعال. وبدلاً من وضع مخطط تنموي طموح، ظل المجلس يدور في دائرة التسيير الإداري الروتيني، متغنيًا بإنجازات المصالح الخارجية أو المشاريع التي ورثها من مجالس سابقة.

تداعيات: فقدان الثقة ومستقبل غامض

إن غياب حصيلة ملموسة بعد ثلاث سنوات من عمل المجلس يهدد بتعميق أزمة الثقة بين الساكنة وممثليها المنتخبين. فالوعود الانتخابية التي قُدمت عام 2022 لم تترجم إلى مشاريع ملموسة، مما يجعل الساكنة تشعر بالإحباط والتهميش. هذا الوضع يطرح تساؤلات حول قدرة المجلس على استغلال السنوات المتبقية من ولايته لتحقيق أي تقدم، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

خاتمة: نحو محاسبة شعبية

يبقى السؤال المحوري: متى سيتم تحويل الوعود إلى واقع؟ وهل سيتمكن المجلس من تجاوز عثراته الإدارية والسياسية لتحقيق طموحات ساكنة سيدي موسى لمهاية؟

إن غياب الإنجازات واستمرار التسيير الانفرادي يضعان المجلس أمام اختبار شعبي حاسم في الانتخابات القادمة. فالناخبون، الذين منحوا ثقتهم لهذا المجلس، يملكون اليوم حق المحاسبة، وهم من سيحددون ما إذا كان هذا المجلس يستحق تجديد الثقة أم أن الوقت قد حان لتغيير المسار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى