المجلس الأعلى للحسابات عن مالية حزب الاتحاد الاشتراكي: 830 ألف درهم لانجاز دراسات مخرجاتها مستقاة من مصادر متوفرة للعموم

فتح “المجلس الأعلى للحسابات” ما يشبه باب جهنم أمام الأحزاب السياسية المغربية، خاصة تلك التي أفاد بأنها لم ترجع مبالغ غير مبررة من الدعم الإضافي الذي تم منحه ما بين شهري سبتمبر و نوفمبر في عام 2022.

بالنسبة للرأي العام، فإن الأمر تحصيل حاصل، اذ في كل مرة يتم فضح أحزاب لم تلتزم بدقة الحسابات، وأخلّت بالشفافية في مصاريفها، ولم تُعد لخزينة الدولة المبالغ غير المبررة، لكن هذه المرة كان تقريره أكثر إثارة للجدل، بعد إدراجه لنماذج من حالات صرفت فيها الأحزاب السياسية مبالغ طائلة لأهداف غير تلك المسطرة في التزامات الدعم العمومي.

التقرير الحديث للمجلس، خُصص لتدقيق حسابات الأحزاب السياسية برسم سنة 2022، وكذا فحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها ومصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، والمصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث الممولة بالدعم الإضافي.

وحسب المجلس، فإن عدد الأحزاب التي لم ترجع المبالغ المالية الكبيرة إلى خزينة الدولة، يبلغ 18 حزبا، مبرزا أن الأموال تتعلق بمبالغ غير مستحقة، وأخرى لم يتم استعمالها أو استعملت لغير الغايات التي منحت من أجلها، إضافة إلى أنها تشمل الأموال غير المسترجعة للدولة، ونفقات لم يتم إثبات صرفها بوثائق الإثبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة ذات الصلة.

جزء من المغاربة اندهش من قيمة المبالغ الكبيرة جدا، وجزء آخر استغرب إقدام أحزاب على صرف أموال عمومية في غير محلها، وهو ما يدخل في باب تبذير أموال الدولة واستغلالها في مآرب ضيقة تتراوح بين حزبية وشخصية.

وبرزت من داخل التقرير نماذج لأحزاب صرفت أموال الدعم الإضافي في “مشاريع” منها ما هو “عروض من مصادر متوفرة للعموم” كما حال حزب “الاتحاد الاشتراكي” ، فيما يتعلق بـ23 دراسة كلفت الملايين.

أسند حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية صفقات دراسات ممولة من المال العمومي، وبمبالغ تقارب 200 مليون، إلى مكتب دراسات واحد أنشئ حديثا.

ويتبين من خلال ما نشر بالجريدة الرسمية عدد 5705، بتاريخ 2 مارس 2022، أن مكتب الدراسات مكتب الدراسات CONSEIL & STRATEGIE MELA مملوك لكل من الحسن لشكر، نجل الكاتب الأول، والمهدي مزواري (عضو الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء)، عضو المكتب السياسي، وريم العاقد(أخت أحمد العاقد عضو المكتب السياسي للحزب). تأسس مع مطلع العام 2021. وتعد هذه الصفقات هي الوحيدة التي حصل عليها منذ تأسيسه.

وتشير المعلومات القليلة بشأن هذا المكتب إلى وجود مقره في شقة بمنطقة عين عودة (على مبعدة حوالي 30 كيلومتر جنوب غرب الرباط). والمشكلة كما يصورها هذا المجلس، أن 200 مليون سنتيم لم تفض سوى إلى “عروض تفتقد للمنهجية العلمية… ومستقاة من مصادر متوفرة للعموم”.

في التفاصيل ، كما هو مبين اسفله في تقرير المجلس الاعلى للحسابات، فأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، استفاد بتاريخ 9 نونبر 2022، من دعم سنوي إضافي قدره مليون و930 ألف درهم، لتغطية المصاريف المترتبة على الدراسات. واختار مكتب الدراسات CONSEIL & STRATEGIE MELA لإنجاز 23 دراسة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي والبيئي بمبلغ إجمالي قدره مليون و830 ألف درهم.

وتم تحويل المبلغ الإجمالي لتكاليف الدراسات (مليون وألف 835 درهم) للمكتب المعني بتاريخ 28 دجنبر 2022.

أسفرت عملية الفحص التي أجراها المجلس الأعلى للحسابات، عن تسجيل ملاحظتين، قام المجلس بتوجيههما إلى المسؤول الوطني عن الحزب بتاريخ 8 يونيو 2023 من أجل تقديم تبريراته داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ.

وقد تبين غياب اتفاقيات تفصل الشروط الخاصة والثمن الأحادي لكل دراسة على حدة. فتعاقد الحزب مع مكتب الدراسات “CONSEIL & MELASTRATEGIE ” لإنجاز 23 دراسة في المجال الاقتصادي: الإصلاح الجبائي، المقاولات الصغرى والمتوسطة، النقل واللوجستيك، القطاعات المنتجة ونجاعة الاقتصاد الوطني؛ والاجتماعي: الفئات الاجتماعية، التربية والتعليم والتكوين، الحماية الاجتماعية، التشغيل والموروث الثقافي؛ والمؤسساتي: الحكامة، سيادة القانون، الوضع المؤسساتي، إعداد التراب وسياسة المدينة وإصلاح الإدارة؛ والبيئي: قطاعات الماء والطاقة والتعدين).

لاحظ المجلس الأعلى للحسابات، أيضا، إدلاء الحزب بمخرجات لا تحترم المنهجية العلمية المعتمدة لإنجاز الدراسات؛ فقد أدلى الحزب بـ21 وثيقة تتعلق بالدراسات المقررة باستثناء الدراستين المتعلقتين “بمؤشرات قياس الحكامة في المجال المؤسساتي” و”مؤشرات قياس سيادة القانون”)، وهي عبارة عن عروض أو مذكرات موجزة تتضمن معلومات واقتراحات عامة متوفرة للعموم، والتي استنتج المجلس من خلال تحليلها عدم التزام مكتب الدراسات المعني بالمنهجية العلمية المعتمدة في هذا المجال، لاسيما تحري الخطوات التالية:
– تحديد أهداف الدراسة؛
– تعريف السياق الذي أجريت فيه الدراسة ومجالها ونطاقها؛
– صياغة الإشكالية والفرضيات الأولية؛
– إجراء البحث الوثائقي؛
– تحديد البيانات والمؤشرات المطلوبة؛
– اختيار أساليب وأدوات التحقيق وتجميع البيانات (استبيان، بحث، عينة، مقابلات، إلخ)؛
– فرز وتصنيف وتحليل المعلومات والبيانات المجمعة واستخلاص النتائج والمؤشرات والدروس؛
– تحرير تقرير الدراسة والذي يتضمن المنهجية والنتائج والاقتراحات المتوصل إليها مع الإشارة إلى مصادر المعطيات والمعلومات المقدمة.

المصدر: تقرير المجلس الأعلى الخاص بالاتحاد الاشتراكي:

المجلس الأعلى للحسابات عن مالية حزب الاتحاد الاشتراكي: 830 ألف درهم لانجاز دراسات مخرجاتها مستقاة من مصادر متوفرة للعموم插图
المجلس الأعلى للحسابات عن مالية حزب الاتحاد الاشتراكي: 830 ألف درهم لانجاز دراسات مخرجاتها مستقاة من مصادر متوفرة للعموم插图1
المجلس الأعلى للحسابات عن مالية حزب الاتحاد الاشتراكي: 830 ألف درهم لانجاز دراسات مخرجاتها مستقاة من مصادر متوفرة للعموم插图2
المجلس الأعلى للحسابات عن مالية حزب الاتحاد الاشتراكي: 830 ألف درهم لانجاز دراسات مخرجاتها مستقاة من مصادر متوفرة للعموم插图3
المجلس الأعلى للحسابات عن مالية حزب الاتحاد الاشتراكي: 830 ألف درهم لانجاز دراسات مخرجاتها مستقاة من مصادر متوفرة للعموم插图4

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى