المجلس الأعلى للتعليم بوجدة من اجل تعزيز الوظيفة الثقافية للمدرسة المغربية

بتنسيق مع المجلس الأعلى للتربية والتكوين واللجنة الدائمة للخدمات الاجتماعية والثقافية وفي إطار إعداد دراسة حول موضوع “الوظيفة الثقافية للمدرسة المغربية”، نظمت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الشرق، بقيادة السيد بوتشيش، يوم الثلاثاء 08 أبريل 2025 بقاعة الاجتماعات بمقر الأكاديمية ورشة جهوية لمناقشة سبل تعزيز الدور الثقافي للمدرسة المغربية.
وقد سير اللقاء مجموعة من الخبراء على رأسهم الأستاد عبدالله ساعف، وحضره مجموعة من الاطر التربوية واعضاء هيئة التفتيش بمختلف الشعب المدرسة بالاسلاك التعليمية.
واعتبر الجمع أن المدرسة المغربية مؤسسة محورية في نقل وتعزيز الثقافة الوطنية، حيث تتجاوز مهمتها التعليم الأكاديمي لتشمل دورًا أساسيًا في صياغة الهوية الثقافية للأفراد والمجتمع. الوظيفة الثقافية للمدرسة تتمحور حول الحفاظ على التراث، تعزيز الانتماء، والتكيف مع التحولات المعاصرة، ويمكن تفصيلها كالتالي:
1. نقل التراث الثقافي
- المدرسة هي الفضاء الذي يتعرف فيه التلاميذ على اللغتين العربية والأمازيغية كركيزتين للهوية المغربية، إلى جانب التعريف بالتاريخ الوطني، التقاليد، والقيم الدينية والاجتماعية.
- من خلال المناهج الدراسية، تُبرز المدرسة التنوع الثقافي للمغرب (العربي، الأمازيغي، الصحراوي، والأندلسي)، مما يساهم في ترسيخ فهم مشترك للثقافة الوطنية.
2. تعزيز الهوية الوطنية
- تلعب المدرسة دورًا في غرس شعور الانتماء من خلال الاحتفاء بالرموز الوطنية (كالعلم، النشيد الوطني، والأعياد)، وتعليم القيم مثل التضامن والتسامح التي تُميز المجتمع المغربي.
- تُسهم في توحيد مكونات المجتمع المتنوعة تحت مظلة هوية وطنية جامعة، من خلال التركيز على التاريخ المشترك مثل المقاومة ضد الاستعمار.
3. التكيف مع التحولات الثقافية
- في ظل العولمة، تواجه المدرسة تحدي الموازنة بين الحفاظ على الثقافة المحلية والانفتاح على الثقافات العالمية. فهي تُعلم اللغات الأجنبية (كالفرنسية والإنجليزية) مع الحرص على تعزيز اللغات الوطنية.
- تُشجع التلاميذ على التفكير النقدي للتعامل مع التأثيرات الخارجية دون التفريط في جذورهم الثقافية.
4. الإبداع والتعبير الثقافي
- توفر المدرسة فضاءً للتعبير عن الثقافة من خلال الأنشطة الفنية (كالرسم، الموسيقى، والمسرح)، مما يتيح للتلاميذ استلهام تراثهم لخلق أعمال تُعبر عن هويتهم.
- تُشجع على إحياء الفنون التقليدية مثل الخط العربي والحرف اليدوية، لربط النشء بماضيهم الثقافي.
5. مواجهة التحديات الاجتماعية
- تساهم المدرسة في مكافحة الجهل والأمية الثقافية، وتعزيز الوعي بحقوق وواجبات المواطنة، مما يساعد في بناء مجتمع متماسك وواعٍ بقيمته الثقافية.
- تُعالج قضايا مثل التهميش الثقافي لبعض المناطق أو الفئات من خلال برامج تربوية شاملة.
أهمية الوظيفة الثقافية للمدرسة المغربية
- تاريخيًا: تُعيد المدرسة إحياء ذاكرة الأمة من خلال تدريس الأحداث الكبرى والتراث الحضاري.
- اجتماعيًا: تُعزز التفاعل بين الأفراد وتُكرس قيم العيش المشترك.
- مستقبليًا: تُعدّ النشء ليكونوا سفراء للثقافة المغربية في العالم، قادرين على الجمع بين الأصالة والمعاصرة.
التحديات التي تواجه الوظيفة الثقافية
- ضعف الاهتمام بالفنون والثقافة في المناهج مقارنة بالمواد العلمية.
- تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي قد تُروج لثقافات أجنبية على حساب الهوية المحلية.
- تفاوت جودة التعليم بين المناطق الحضرية والقروية، مما يؤثر على الوصول العادل للثقافة.
اقتراحات لتعزيز الوظيفة الثقافية
- تطوير المناهج: إدراج مواد ثقافية غنية بالتراث المغربي، مع التركيز على التاريخ المحلي والفنون التقليدية.
- الأنشطة الموازية: تنظيم معارض فنية، ورش عمل تراثية، وزيارات للمواقع الثقافية كجزء من البرنامج الدراسي.
- التكوين المستمر للمعلمين: تدريب الأساتذة على كيفية ربط المواد الدراسية بالثقافة الوطنية.
- استخدام التكنولوجيا: إنشاء محتوى رقمي تفاعلي يعكس الثقافة المغربية لجذب اهتمام الشباب.
- الشراكة مع المجتمع: إشراك الأهالي والجمعيات الثقافية في نشر الوعي الثقافي داخل المدارس.
الخلاصة
الوظيفة الثقافية للمدرسة المغربية تتعدى التعليم التقليدي لتصبح أداة لبناء هوية وطنية متجذرة ومتجددة. من خلال نقل التراث، تعزيز الانتماء، ومواجهة التحديات المعاصرة، تُسهم المدرسة في تربية أجيال واعية بثقافتها، قادرة على المساهمة في تنمية المجتمع مع الحفاظ على خصوصيته الثقافية. تحقيق هذه الوظيفة يتطلب تعاونًا بين الدولة، المربين، والمجتمع لضمان أن تظل المدرسة مرآة للهوية المغربية.
كما سجل الحاضرون مجموعة من الاقتراحات ابرزها :
اقتراحات عملية لتربية نشء مغربي حضاري منسجم مع بيئته الثقافية
لتحقيق هذا الهدف، يمكن الاستعانة بمجموعة من الاقتراحات العملية التي تركز على تعزيز الهوية الوطنية داخل المنظومة التربوية مع مراعاة التحديات المعاصرة:
- تطوير المناهج الدراسية:
- إدراج مواد تركز على تاريخ المغرب وتراثه الثقافي بطريقة تفاعلية، مثل قصص الأبطال الوطنيين (محمد الزرقطوني، علال بن عبد الله) أو الاحتفاء بالتنوع الثقافي (العربي، الأمازيغي، الصحراوي).
- تعزيز تدريس اللغتين العربية والأمازيغية كجزء أساسي من الهوية، مع إبراز دورهما في التواصل والتعبير عن القيم المحلية.
- الربط بين التعليم والبيئة المحلية:
- تنظيم زيارات ميدانية إلى المواقع التاريخية (مثل مدينة فاس القديمة أو قصبة المهدية) لتعزيز الارتباط بالموروث الثقافي.
- إشراك التلاميذ في مشاريع مجتمعية محلية، مثل ترميم معالم أو المشاركة في مهرجانات ثقافية (كمهرجان المواسم بمولاي إدريس).
- استخدام التكنولوجيا بذكاء:
- تطوير تطبيقات تعليمية تفاعلية تروي تاريخ المغرب وثقافته بأسلوب جذاب يناسب الشباب، مثل ألعاب تعليمية أو فيديوهات توثيقية.
- إنشاء منصات رقمية تتيح للتلاميذ مناقشة قضايا الهوية الوطنية مع أقرانهم داخل وخارج المغرب.
- تعزيز قيم المواطنة الحضارية:
- إدراج أنشطة تربوية تركز على التسامح، احترام التنوع، وحماية البيئة كجزء من الهوية المغربية المعاصرة.
- تنظيم ورش عمل حول الحرف التقليدية (كالزليج والنسيج) لربط النشء بمهارات أجدادهم مع تشجيع الابتكار فيها.
- إشراك الأسرة والمجتمع:
- تنظيم برامج مشتركة بين المدارس والأهالي لنقل القيم والتقاليد، مثل جلسات حكي عن التاريخ المحلي بمشاركة كبار السن.
- تشجيع التعاون مع الجمعيات الثقافية لتنظيم فعاليات تعكس الهوية المغربية (كالمعارض الفنية أو الأمسيات الشعرية).
- التكيف مع التحديات العالمية:
- تعليم النشء كيفية التمسك بالهوية مع الانفتاح على الثقافات الأخرى، من خلال برامج تبادل ثقافي أو دراسة مقارنة للثقافات.
- غرس مهارات التفكير النقدي لتمكينهم من مواجهة التأثيرات السلبية للعولمة دون فقدان جذورهم.
ولاحظنا خلال النقاش اثارة الانتباه والتركيز على مادة الفنون الجميلة حيث اعتبر المتدخلون أن :
تعليم الفنون الجميلة يُعدّ رافدًا أساسيًا لتعزيز الهوية الوطنية المغربية، حيث يشكل جسرًا يربط بين التراث الثقافي الغني للمغرب والتعبير الإبداعي المعاصر. الفنون، بما فيها الرسم، النحت، العمارة، والحرف التقليدية، تعكس تاريخ المغرب وتنوعه الثقافي، مما يجعل تعليمها أداة فعّالة لترسيخ الانتماء الوطني. العلاقة بين تعليم الفنون الجميلة والهوية الوطنية المغربية تتجلى في النقاط التالية:
- الحفاظ على التراث الفني:
- الفنون المغربية، مثل الزليج، الخط العربي، والنسيج التقليدي، تُجسد الهوية المغربية بأبعادها العربية، الأمازيغية، والأندلسية. تعليم هذه الفنون يضمن نقلها إلى الأجيال الجديدة، مما يحافظ على استمراريتها كجزء من الذاكرة الجماعية.
- تعزيز التنوع الثقافي:
- المغرب بلد متعدد الثقافات، وتعليم الفنون يُبرز هذا التنوع من خلال تسليط الضوء على الفنون الأمازيغية (كالنقوش والمجوهرات) والفنون الصحراوية (كالموسيقى الحسانية). هذا النهج يعزز فخر النشء بتنوع هويتهم الوطنية.
- التعبير عن القيم الوطنية:
- الفنون الجميلة تتيح للطلاب التعبير عن قيم مثل التضامن، الروح الوطنية، والمقاومة التاريخية (كما في لوحات تصور معارك ضد الاستعمار)، مما يرسخ ارتباطهم بالهوية المغربية.
- التوازن بين التقليد والحداثة:
- تعليم الفنون يمكّن الشباب من استلهام التراث المغربي لخلق أعمال معاصرة، مما يعكس قدرة الهوية الوطنية على التجدد والتكيف مع العصر دون فقدان جذورها.
- مواجهة التهميش الثقافي:
- في ظل العولمة، قد تطغى الفنون الغربية على المشهد الثقافي. تعليم الفنون المحلية يقاوم هذا التهميش، معززًا مكانة الهوية المغربية في نفوس الشباب.
كيف يساهم تعليم الفنون الجميلة في تعزيز الهوية الوطنية المغربية؟
- تاريخيًا: الفنون المغربية كانت دائمًا مرآة للتاريخ الوطني، من العمارة الموحدية إلى الفنون الأندلسية في فاس ومراكش. تعليمها يعيد إحياء هذا التاريخ في أذهان النشء.
- اجتماعيًا: الفنون تُعزز التفاعل بين الأفراد والمجتمع، حيث يمكن للطلاب المشاركة في معارض أو ورش تعكس هويتهم المشتركة.
- نفسيًا: ممارسة الفنون تمنح الشباب شعورًا بالفخر والثقة بتراثهم، مما يعزز انتماءهم الوطني.
اقتراحات عملية لربط تعليم الفنون الجميلة بالهوية الوطنية
- إدراج الفنون التقليدية في المناهج:
- تدريس تقنيات مثل صناعة الزليج، النقش على الخشب، والتطريز في المدارس والمعاهد الفنية، مع التركيز على أصولها المغربية.
- تنظيم ورش عمل تراثية:
- إقامة ورش مع حرفيين تقليديين لتعليم الطلاب فنون مثل الخزف الأمازيغي أو النسيج الصحراوي، مما يربطهم بجذورهم الثقافية.
- تشجيع الإبداع المستلهم من الهوية:
- دعوة الطلاب لإنتاج أعمال فنية مستوحاة من رموز مغربية (كالعمارة المغربية أو الأساطير المحلية)، مع عرضها في معارض وطنية.
- ربط الفنون بالتاريخ الوطني:
- تصميم مشاريع فنية تُعبر عن أحداث بارزة مثل ثورة الملك والشعب أو الاستقلال، لتعزيز الوعي التاريخي.
- استخدام التكنولوجيا:
- إنشاء منصات رقمية تعرض الفنون المغربية التقليدية والمعاصرة، مع أنشطة تفاعلية تتيح للطلاب استكشاف تراثهم.
- التعاون مع الفنانين المحليين:
- إشراك فنانين مغاربة في تدريس الطلاب أو تنظيم لقاءات ثقافية لنقل تجاربهم وإلهام الجيل الجديد.
