الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تنتقد “التجاوزات القانونية” وتطالب بوقف عمل اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة

الدار البيضاء – 18 أكتوبر 2025

عقد المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف، يوم الجمعة الماضي 17 أكتوبر، اجتماعه الدوري الذي شهد مناقشات حادة حول أزمات قطاع الصحافة المغربية. وخلص الاجتماع، الذي تدارس مستجدات القرارات الحكومية وأوضاع المقاولات الصحفية، إلى إدانة قوية لما وصفته الفيدرالية بـ”الخرق الفاضح للقانون”، مطالبةً الحكومة بالتدخل الفوري لاحترام الإطار القانوني وسد الفراغ التنظيمي في القطاع.

في بيان رسمي أصدره المكتب التنفيذي، شددت الفيدرالية على أن اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر، التي أحدثها القانون رقم 23-15، قد استنفدت مدتها القانونية البالغة سنتين، التي انتهت في الأسبوع الأول من أكتوبر 2025. وأوضح البيان أن استمرار هذه اللجنة في توقيع قرارات مالية وتنظيم ندوات واجتماعات يُعد “مخالفًا لمنطوق وروح القانون”، ومنتهكًا لأحكام الدستور.

وألقت الفيدرالية المسؤولية الكاملة على الحكومة، التي عينت اللجنة، مطالبةً إياها بإعلان وقف عملها فورًا، وإيجاد آلية قانونية لتجديد تركيبة المجلس الوطني للصحافة وتجديد البطاقات المهنية. وأكدت الفيدرالية انخراطها في المبادرات الترافعية الأخيرة مع المنظمات المهنية، ودعوة رئيس الحكومة ووزيره المختص ورؤساء البرلمان إلى “فرض التقيد بالقانون وسموه”.

لم يقف الاجتماع عند حدود اللجنة المؤقتة، بل امتد إلى انتقاد حاد لإصرار الحكومة على تمرير مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، رغم الرفض الواسع له. ووصفت الفيدرالية هذا الإصرار بأنه “تعنت وهروب إلى الأمام”، مشيرةً إلى أن استئناف دراسة المشروع بمجلس المستشارين يتجاهل الرأي الاستشاري الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي تضمن انتقادات جوهرية، وقبله رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وأبرز البيان الرفض المهني والمجتمعي الواسع، الذي عبر عنه أغلب المنظمات المهنية، هيئات الصحفيين والناشرين، عشرات المنظمات المدنية، المركزيات النقابية، وخمسة وزراء اتصال سابقين.

وأضاف البيان أن هذا “العناد الغريب” يُشكل “ضربة موجعة للصورة الحقوقية والديمقراطية للمملكة”، ويضع البلاد في إحراج دولي أمام التزاماتها في الاستعراض الدوري الشامل للحقوق الإنسانية. وأعربت الفيدرالية عن أسفها لعدم انفتاح الحكومة والوزير المختص على التشاور مع المنظمات المهنية، رغم أن المجلسين الدستوريين واللجنة البرلمانية للتعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية قد عقدوا جلسات استماع لها، بما في ذلك الفيدرالية نفسها.

في سياق آخر، سجلت الفيدرالية “إستياءً كبيرًا” من ارتباك الوزارة في تدبير الدعم العمومي لمقاولات الصحافة، مشيرةً إلى التأخير المتكرر في صرف الدعم الجزافي، والحفاظ على آليات استثنائية مرتبطة بزمن الجائحة دون تعديل. وأكدت أن هذا الوضع يحرم عشرات المقاولات الناشئة والصغيرة والجهوية من الاستفادة، مما يُكرس “التمييز وغياب العدالة”. وانتقدت الفيدرالية “تكلس تفكير الوزارة” وعدم قدرتها على الاجتهاد، معتبرةً أن قراراتها بعيدة عن الواقع بسبب أحادية القرار وعدم مشاركة المنظمات المهنية، بل الاكتفاء بمن يؤيدونها.

كما شددت على معاناة المقاولات الصحفية في الجهات، خاصة الجهات الصحراوية الثلاث، جهة الشرق، وجهات أخرى مثل درعة تافيلالت وبني ملال وسوس ومراكش وفاس مكناس وطنجة تطوان الحسيمة، حيث تُترك تواجه تحدياتها وحيدة دون مساعدة. وجددت الفيدرالية نداءها إلى الحكومة ورؤساء الجهات والسلطات الترابية والفاعلين الاقتصاديين لاستحضار أهمية الصحافة الجهوية المهنية، وبلورة مخططات تشاركية لدعمها ضمن التنمية الجهوية الشاملة، معبرةً عن استعدادها للمساهمة في هذا الورش، كما فعلت سابقًا مع الحكومات السابقة.

أعربت الفيدرالية عن أسفها لفشل الوزارة في تحويل مناظرتها حول قطاع الإشهار إلى منصة حوار تفاعلي حقيقي بين المعلنين والمقاولات الصحفية والمنظمات المهنية، معتبرةً إياها “مكبرًا لصوت واحد” يعكس تفسير الوزير الهيمني للمشكلات. كما نوّهت بالتوصيات الواردة في الرأي الاستشاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مؤكدةً أن تجاهل الحكومة لهذه المؤسسات الدستورية يُمثل “تبخيسًا مقيتًا” لأدوار الحكامة المنصوص عليها في الدستور.

وفي تطور آخر، لاحظت الفيدرالية “مناورة جديدة” في اعتماد الصحفيين لتغطية التظاهرات الرياضية القارية، مثل كأس أفريقيا لكرة القدم، حيث تدخلت جمعية حديثة التأسيس بشكل غريب، مما أدى إلى ارتباك وقلق بين الصحفيين والمقاولات. وأكدت دعمها لمبادرات جمعيات الصحافة الرياضية التي انتقدت هذا التدخل، مطالبةً بوقف التمييز في الاعتمادات، وتقدير خبرات الرواد في هذا المجال لإنجاح المشاريع الرياضية الكبرى، مما يعزز الصورة الإشعاعية للمملكة.

على الصعيد الداخلي، تدارس المكتب التنفيذي القضايا التنظيمية للفيدرالية وفروعها الجهوية، وأقر سلسلةً من الأنشطة والبرامج التكوينية والإشعاعية للفترة المقبلة، بالإضافة إلى تلبية دعوات وشراكات. كما صادق على مواعيد الجموع العامة لبعض الفروع الجهوية، وعلى عقد الدورة العادية للمجلس الوطني الفيدرالي خلال نوفمبر المقبل، مع إعداد المستلزمات وتحديد المكان لاحقًا.

يأتي هذا البيان في سياق توتر متزايد في قطاع الصحافة المغربية، حيث يُعتبر تحولًا حاسمًا لضمان استقلالية المهنة وحماية المقاولات أمام التحديات الاقتصادية والتنظيمية. وتُعد الفيدرالية، التي تمتلك فروعًا جهوية في كل المغرب، صوتًا رئيسيًا في الدفاع عن مصالح الناشرين، مطالبةً بإصلاحات جذرية تعيد الثقة في الإطار القانوني والدعم العادل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!