الصحافة والإعاقة أية علاقة.

الطيب الشكري.
لعل من بين المواضيع المغَيَّبة في فضائنا العمومي هو علاقة الصحافة بمختلف تموقعاتها وأصنافها بموضوع الإعاقة وحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، حيث نجد شح كبير ونقص حاد في تعاطي إعلامنا الوطني مع كل المواضيع التي لها ارتباط بالإعاقة، وهو الأمر الذي كشفت عنه رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش في كلمة لها في افتتاح المنتدى الوطني السادس عشر للإعاقة، المنظم من طرف المركز الوطني محمد السادس للمعاقين وبشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث أشارت رئيسة المجلس إلى أن التغطية الصحفية للإعاقة وحقوق الإنسان تمثل فقط نسبة 1.2% من مجموع المقالات والمواد الإعلامية، مضيفة أنه ومنذ سنة 2013 لم تتجاوز عدد المقالات 300 مقالا من أصل أزيد من 234 ألف مقالا ومادة إعلامية حول الإعاقة وحقوق الشخص في وضعية إعاقة خلال السنة.
هو رقم صادم يساؤل علاقة الإعلام الوطني وكيف يتعاطى إعلامنا مع موضوع الإعاقة وارتباطها بكل ما هو حقوقي، وفي إعتقادي الشخصي أن هذا الواقع ما هو إلا تحصيل حاصل لواقع عام أخرج الأشخاص في وضعية إعاقة من كل اهتمام، اللهم من بعض المبادرات المنسباتية التي تبقى محدودة في الزمان والمكان ولم تقارب للأسف الشديد الواقع المرير الذي تغرق فيه هذه الشريحة من المجتمع والذي مس مختلف الجوانب الحياتية لها، باستثناء ما تقوم به وزارة التضامن والإدماج الإجتماعي والأسرة عبر مندوبيات إدارة التعاون الوطني عبر ربوع التراب الوطني والذي يبقى ورغم أهميته متواضعا ولا يلبي في الحد الأدنى احتياجات الأشخاص في وضعية إعاقة ويبقى في مجمله محدودا ولا يرقى إلى ما تطمح اليه وتبقى انتظاراتها معلقة حتى إشعار آخر.
فما تفضلت بطرحه السيدة بوعياش أمر وجبب التوقف عنده مليا ووضعه في سياقه لأنه وضع يسائلنا جميعا ويطرح السؤال العريض ماذا قدمنا للشخص في وضعية إعاقة؟ هو سؤال حارق علينا التعاطي معه بعيدا عن التبريرات التي يفندها الواقع المعاش، وأول هذه الأسئلة ماذا قدمت الصحافة الوطنية لقضايا الأشخاص في وضعية إعاقة؟ فبإلقاء نظرة على محتوى الصحف الورقية والالكترونية نقف على غياب شبه تام لكل ما له ارتباط بحقوق الشخص في وضعية إعاقة، سواء حقه في الصحة، في التعليم، في الشغل، في الترفيه وغيرها من الحقوق التي تبقى مغيبة اللهم من بعض المبادرات والتي تبقى مجرد نقطة في بحر الانتظارات التي يعيشها الشخص في وضعية إعاقة الذي يحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى مقاربة واقعية لكل المشاكل التي يعيشها بارتباط مع محيطه الأسري الذي يعرف جيدا المعاناة التي يعيشها والممارسات السادية التي يتعرض لها والتي فاقت كل تصور وتجردت من كل إنسانية، ومسؤولية الإعلام الوطني قائمة في تبليغ هذه المعاناة وفضح فضاعتها ومواكبتها بما يمكننا من نفض الغبار عنها ومعالجة اختلالاتها ولفت انتباه السلطات الحكومية ومعها الرأي العام الوطني إلى ما يعيشه الشخص في وضعية إعاقة وخاصة بالوسط القروي حيث المأساة مضاعفة والمعاناة اكبر والحقوق غير موجودة أصلا.
لعله الرهان الأصعب والتحدي الأكبر الذي علينا خوضه على الأقل في المستقبل القريب لنعيد لهذه الشريحة من أبنائنا وفلذات أكبادنا اعتبارها كمكون من مكونات المجتمع المغربي الذي يمكننا من التعايش سويا دون مركب نقص بعيدا عن تلك النظرة الدونية التي لازالت تحكم عقول وتصرفات العديد منا.