الشباب المغربي والإصلاحات الوطنية: قراءة معمقة في جذور الغضب الجمعية الوطنية للتنمية الاجتماعية وجمعية ديناميات الشباب المغربي تنظمان نقاشًا حول مطالب جيل “Z”

وجدة، 10 أكتوبر 2025
في أمسية حوارية معمقة عُقدت مساء يوم الجمعة 10 أكتوبر 2025، نظمت الجمعية الوطنية للتنمية الاجتماعية، وجمعية ديناميات الشباب المغربي، مبادرة نقاش مجتمعي تناولت أبرز التحديات التي تواجه الشباب المغربي والمسار الوطني للإصلاحات الكبرى. وقد أدارت هذا اللقاء الهام الأستاذة خديجة ديوري وعلي طهري، بمشاركة نخبة من الشباب والفاعلين الجمعويين والاعلاميين.
تركز النقاش بشكل أساسي على تحليل موجة الاحتجاجات الأخيرة للشباب، المعروفة باسم جيلZ (Generation Z)، وتداعيات الإخفاقات الهيكلية في قطاعي الصحة والتعليم، وسبل تعزيز الثقة في المؤسسات.

“جيل Z”: حركة عفوية ناتجة عن ضغط مجتمعي
أكد المشاركون أن ما شهده المغرب مؤخراً ليس “مظاهرة” منظمة ولا “انتفاضة”، بل هو “ردة فعل” ناتجة عن ضغط مورس على المجتمع بأكمله. وتم تعريف “الجيل Generation Z بأنهم الشباب المولودون بين عامي 1997 و 2012. وقد بدأت هذه الحركة بشكل عفوي وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً “تيك توك”، مما يشير إلى أن الدولة والمؤسسات لم تعِ بعد بضرورة مواكبة التحول التكنولوجي ووسائل التواصل الحديثة.
وأشار أحد المتحدثين إلى أن خروج الشباب يعكس فقدان الثقة في المسؤولين والمختصين في قطاعات حيوية. وطالب الشباب بأكبر مطلب وهو “الاعتراف” بوجودهم أولاً. ويطالب هذا الجيل بالتغيير في الشكل والمضمون.
كما تم لفت الانتباه إلى وجود فئة ثالثة من الشباب تشعر بالاغتراب وعدم الانتماء للوطن، وتمارس “سياسة حرق الأرض”، الأمر الذي يتطلب مراجعة دروس التربية على المواطنة والتاريخ، وتحسين ظروفهم في المدرسة والمجتمع لتجنب هذا الخطر.
جذور المشاكل في الصحة والتعليم
شدد المتدخلون على أن الإخفاقات في قطاعي الصحة والتعليم هي تراكم لسنوات وسنين طويلة، ولا يمكن معالجتها في فترة قصيرة.
• القطاع الصحي: أكدت الأستاذة خديجة الديوري أن المشكل الصحي مطروح بحدة في المغرب بأكمله، حيث يعاني منه جميع المواطنين. واقترح المشاركون مقاربة صحيحة تبدأ بـ “الاستماع إلى الشعب” والمضررين. يجب على الوزارات توزيع استمارات واستبيانات على المرضى ومرافقيهم والموظفين لوضع “تشخيص دقيق” للمشكلة، بدلاً من الاكتفاء برأي الأطباء والإداريين.
• قطاع التعليم: اقتُرح اعتماد مقاربة مماثلة للاستماع إلى التلاميذ والطلبة. وتم التأكيد على أن الحمولة الساعية اليومية يجب ألا تتجاوز ست ساعات، أسوة بما هو معمول به في الدول المتقدمة، لضمان استفادة التلاميذ من المواد التي يدرسونها.
ضعف المؤسسات وعزوف الشباب السياسي
تناول النقاش ظاهرة العزوف السياسي لدى الشباب، حيث أشار أحد المتحدثين إلى أن هذا العزوف ناتج عن ضعف وغياب الأحزاب السياسية، إلى جانب الفساد الانتخابي. ويرى الشباب أن السياسة فعل منظم، وحركتهم الراهنة ليست كذلك.
وأكدت الأستاذة الدويري على أن مشكلة ضعف الانتماء أو الاغتراب دليل على ضعف المؤسسات السياسية والمجتمع المدني. ودعت إلى إيلاء “عناية خاصة للتاطير للمواطنين”، مشيرة إلى أن هذه المسؤولية تقع على عاتق الجميع: البرلمانيين، والأحزاب، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني، خاصة لتلك الفئة التي تفتقد روح المواطنة .
كما انتقد الشباب أداء دور الشباب، مؤكدين أن الملايين تُصرف عليها، لكنها “خاوية من الشباب” بسبب غياب البرامج التي تستقطب هذا الجيل.
توجيهات ملكية نحو التنمية الترابية والجدية
أشار المشاركون إلى أن الخطاب الملكي السامي (الذي تم تناوله في المبادرة) قد استوعب جميع إشارات ومطالب الشباب تقريباً. وقد دعا الملك محمد السادس الحكومة والبرلمان إلى العمل بروح “الجدية والمسؤولية” لمواكبة الأوراش الإصلاحية الكبرى، خاصة في مجالات التعليم والصحة والتشغيل.
ومن أبرز التوجيهات الملكية التي تلامس مطالب الشباب كانت الدعوة إلى:
1. العدالة المجالية والتنمية الترابية: حيث أكد الملك على أهمية التنمية المحلية وضرورة مراعاة خصوصيات كل مدينة.
2. إيلاء عناية خاصة للمناطق الأكثر هشاشة: بما في ذلك مناطق الجبال والواحات التي تغطي 30% من التراب الوطني، وذلك لضمان تكامل وتضامن فعلي بين المناطق.
3. الحفاظ على حقوق وحريات المواطنين: حيث قال الملك: “حافظوا على حقوق وحرية المواطنين“، وهو حق دستوري لا يقبل النقاش.
وفي الختام، شدد المشاركون على أن التحدي كبير، ويجب على المغرب أن يقوم بـ “قفزة نوعية” لمواكبة “جيل الجنيزة”، وأن مفتاح النجاح هو الاستماع إلى إرادة الشعب والمضررين من كل قطاع.