الحكم الذاتي، انتخابات 2026، ورجوع المغاربة من تندوف: تويمي بنجلون محمد يوضح مستقبل الصحراء المغربية بعد القرار الأممي وخطاب الملك

أجرى الحوار: المصطفى العياش – جريدة جيل 24
في خضم التفاعل الوطني والدولي مع القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بشأن قضية الصحراء المغربية، والذي جدد فيه المجتمع الدولي تأييده لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية، يستحضر المغاربة اليوم ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، عندما سار ملايين المواطنين سلمياً تحت راية الوطن في عهد جلالة الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله، مؤكدين ولاءهم للمملكة ومغربية الصحراء.
خمسون سنة بعد تلك الملحمة، تتزامن هذه الذكرى مع القرار الأممي الأخير، فيما ألقى جلالة الملك محمد السادس نصره الله خطابًا ساميًا بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة، حمل في طياته توجيهات قوية ورسائل واضحة حول مغربية الصحراء وربط بين الدفاع عن الوحدة الترابية ومسار التنمية في الأقاليم الجنوبية.
في هذا السياق، أجرت جريدة جيل حوارًا خاصًا مع النائب البرلماني تويمي بنجلون محمد، الفاعل الوطني المعروف بمواقفه المتزنة ودعمه الثابت للقضية الوطنية، للحديث عن القرار الأممي، الخطاب الملكي، دور البرلمان والأحزاب، رجوع المغاربة من مخيمات تندوف، والحكم الذاتي المرتبط بالانتخابات المقبلة.
س: كيف تقرأون موقف مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن قضية الصحراء المغربية، خصوصًا بعد تبنيه لمبادرة الحكم الذاتي؟
ج: القرار الأخير لمجلس الأمن يؤكد مرة أخرى أن مبادرة الحكم الذاتي هي الإطار الواقعي الوحيد لحل النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. المجتمع الدولي أعطى بذلك رسالة واضحة: الواقعية المغربية تنتصر، والمزايدات الإعلامية والانفصالية لم تعد تجد صدى.
س: جلالة الملك في خطابه الأخير ربط بين الدفاع عن القضية الوطنية ومسار التنمية في الأقاليم الجنوبية. كيف تفسرون هذا الربط؟
ج: التنمية في الأقاليم الجنوبية تمثل ردًا عمليًا على كل الأطروحات الانفصالية، وتثبت السيادة المغربية على أرض الواقع. الخطاب الملكي ركّز على ضرورة مواصلة تنفيذ النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية بروح المسؤولية والفعالية، وهذا يعكس تكاملاً بين السياسة الوطنية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
س: بعد القرار الأخير وخطاب الملك، كيف ترون دعوة المواطنين المغاربة المقيمين بمخيمات تندوف للعودة إلى وطنهم؟
ج: هذه الدعوة تجسد الالتزام الوطني وتطبيق مبادئ السيادة والتنمية. العودة تتيح لهم الاستفادة من المشاريع التنموية والخدمات الأساسية في الأقاليم الجنوبية، وهو جزء من تعزيز الانسجام الوطني، ويعيد كل المواطنين إلى النسيج الوطني، كما كان روح المسيرة الخضراء.
س: بالنظر إلى أن القرار الأخير لمجلس الأمن اعترف بمبادرة الحكَم الذاتي تحت السيادة المغربية كإطار مرجعي للحل في الصحراء، كيف تتصور عملية إدماج الناخبين – سواء العائدين من مخيمات تندوف أو أبناء الإقليم الجنوبي – ضمن النظام الانتخابي لعام 2026، خصوصاً في ظل تحول ملموس نحو حكام ذاتيّ محلي ؟ وهل تعتقد أن الانتخابات ستكون مُرتبطة مباشرة بالحُكم الذاتي الجديد أو ضمن إطار وطني موحّد؟
ج: إدماج هؤلاء المواطنين في انتخابات 2026 هو عنصر حاسم في نجاح مشروع الحكَم الذاتي. المبادرة التي قدمها المغرب منذ 2007، والتي أكد عليها القرار الأممي، تنص على أن الأقاليم الجنوبية ستتمتع بهياكل تشريعية وتنفيذية وقضائية ضمن سيادة كاملة للمملكة، مع احتفاظ الدولة بالمواضيع السيادية كالسياسة الخارجية والدفاع والعملات.
الانتخابات المقبلة يجب أن تُجرى بحيث تُتيح المشاركة الفعلية للمواطنين في اختيار ممثليهم المحليين والإقليميين، بما يتماشى مع نصوص الحكم الذاتي، لكنها ستظل ضمن إطار وطني موحد. الحكومة المركزية والبرلمان الوطني سيظلان لهما الدور، لكن مع تفويض أكبر للجهات المحلية، مع ضمان حقوق الناخبين وتسجيلهم ووصولهم للمراكز الانتخابية، خاصة العائدين من تندوف. انتخابات 2026 ستكون بذلك نقطة انطلاق لتفعيل نموذج متوازن بين السيادة الوطنية والمشاركة المحلية.
س: في أفق انتخابات 2026، مع عودة المواطنين المغاربة من مخيمات تندوف، كيف ترون مستقبل مشاركتهم السياسية؟ هل يمكن لهم الانخراط في الأحزاب التقليدية، أم سيكون لهم الحق في الترشيح كأحرار مستقلين، وهل ستترك الدولة لهم حرية الاختيار؟
ج: من منظور وطني، المواطن العائد من تندوف له كامل الحق في المشاركة السياسية، سواء بانضمامه إلى الأحزاب التقليدية أو الترشح كأحرار مستقلين. هذه المشاركة هي تعبير عن انخراطه الكامل في الحياة الوطنية واستعادة دوره في القرار المحلي والإقليمي ضمن الأقاليم الجنوبية.
ومع ذلك، يجب التأكيد أن الدولة هي صاحبة القرار النهائي في تنظيم العملية الانتخابية وتحديد الإطار القانوني لها. أي خيار يجب أن يتم وفق القوانين الانتخابية والمراسيم المنظمة، بما يضمن التوازن بين الحقوق الفردية للمواطنين وحفظ سيادة الدولة واستقرار النظام الانتخابي الوطني.
بعبارة أخرى، الحرية متاحة، لكن ضمن الضوابط الوطنية والسيادة المغربية، وهذا ما يجعل الدمج فعليًا ومنظمًا ويمثل نجاحًا لمشروع الحكم الذاتي.
س: بصفتكم برلمانيًا، هل ترون أنه من الممكن توجيه دعوة لجلالة الملك محمد السادس لجعل يوم 31 أكتوبر مناسبة وطنية رسمية، تكريمًا للقرار الأممي وتثمينًا لمبادرة الحكم الذاتي، كما هو الحال في باقي الأعياد الوطنية المغربية؟
ج: بكل تقدير وإجلال لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أي تقدير رسمي لهذا اليوم يجب أن ينبع من إرادة الملك الحكيمة، الذي يوازن دائمًا بين الحكمة الوطنية والتقاليد المغربية العريقة. هذا القرار الأممي يمثل تتويجًا لجهود الملك الدؤوبة في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، ونجاحًا تاريخيًا للدبلوماسية المغربية، وما أجمل أن يتم الاحتفاء بهذه المناسبة باعتبارها رمزًا للوطنية والوحدة والوفاء لروح المسيرة الخضراء المظفرة.
إن أي تكريم رسمي لهذا اليوم سيكون انعكاسًا لقيادة جلالة الملك الرشيدة وحنكته في توجيه المسار الوطني، ويجسد عظمة الرؤية الملكية التي جعلت المغرب قوة استقرار وتنمية في المنطقة. احترام إرادة الملك وتقديره يظل محور كل خطوة نحو الاحتفال بهذا الإنجاز العظيم.
س: كيف تنظرون إلى دور البرلمان والأحزاب في تفعيل الرؤية الملكية والدفاع عن الوحدة الترابية؟
ج: البرلمان والأحزاب مطالبون بإشراك المواطنين في النقاش وصنع القرار المحلي. الدفاع عن الصحراء المغربية ليس شعارًا انتخابيًا، بل التزام وطني. كل حزب أو مؤسسة يجب أن يكون موقفه واضحًا: إما مع الوحدة الترابية، أو خارجها.
س: كيف ترون تجاوب المجتمع الدولي مع الموقف المغربي بعد القرار الأخير؟
ج: هناك تحول نوعي في مواقف المجتمع الدولي. العديد من الدول الكبرى تعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الواقعي الوحيد. افتتاح قنصليات في العيون والداخلة يعكس هذا التوجه بوضوح.
في ختام الحوار، ما هي الرسالة للشباب مع اقتراب انتخابات 2026؟
ج: الدفاع عن الصحراء المغربية والتفاعل مع مشاريع التنمية ليست شعارات، بل مسؤولية يومية. الشباب هم رهان المستقبل ويجب أن يكونوا في مقدمة من يحمل مشعل الوطنية والالتزام، لأن مغرب الغد يُبنى بالعقول الناضجة والضمائر الحية.
الحوار مع الموسوعة السياسية البرلماني تويمي بنجلون محمد، كشف بوضوح أن المغرب يعيش مرحلة مفصلية في مساره الوطني، بعد القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي أكد على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل واقعي وعملي لقضية الصحراء. هذه اللحظة التاريخية ليست مجرد إنجاز دبلوماسي، بل تجسيد حي لرؤية جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي ربط دائمًا بين الدفاع عن الوحدة الترابية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية.
إدماج المواطنين العائدين من مخيمات تندوف، إلى جانب أبناء الأقاليم الجنوبية، في الانتخابات المقبلة لعام 2026، يمثل اختبارًا حقيقيًا لتفعيل الحكم الذاتي المحلي ضمن سيادة الدولة، ويجعل المشاركة السياسية حقًا فعليًا لكل المواطنين، بما يعكس روح المسيرة الخضراء والوحدة الوطنية.
الطرح الملكي حول يوم 31 أكتوبر كمناسبة وطنية محتملة، يضيف بعدًا رمزيًا عميقًا لهذا الإنجاز، حيث يمكن أن يتحول هذا اليوم إلى عيد وطني لتكريم جهود المملكة في الدفاع عن مغربية الصحراء ونجاح دبلوماسيتها، ويصبح ذكرى خالدة للتاريخ المغربي الحديث.
في ضوء هذه المستجدات، يبرز دور البرلمان والأحزاب والمجتمع المدني في دعم السيادة الوطنية وتفعيل المشاريع التنموية، مع تعزيز الوعي الشبابي والانخراط الفعلي في الحياة السياسية، ليكونوا شركاء فاعلين في بناء مغرب الغد.
باختصار، المغرب اليوم ليس فقط قوة دبلوماسية واستراتيجية في المنطقة، بل نموذج يحتذى به في الجمع بين السيادة، التنمية، والحكم الذاتي الموسع، مما يضمن استقرارًا مستدامًا ووحدة وطنية حقيقية.
 
 








