افتتاح مهرجان إفران الدولي: سمفونية أحيدوس تحتضن جمال الأطلس

افتتحت مدينة إفران، عروس الأطلس المتوسط، اليوم مهرجانها الدولي في نسخته الجديدة لعام 2025، حيث انطلقت الفعاليات بسمفونية ساحرة من فن “أحيدوس”، الرقصة الشعبية الأمازيغية التي تتردد أصداؤها بين قمم جبال الأطلس. هذا الفن العريق، الذي يجمع بين الشعر والغناء والرقص والإيقاع، ليس مجرد عرض فني، بل هو تعبير حي عن تاريخ وثقافة الأمازيغ، يجتمع في دائرة من الفرح والتضامن والاعتزاز بالهوية.

تصطف الفرق، رجالاً ونساءً، في تناغم يحاكي وحدة القبيلة. تتألق النساء بقفاطين مزينة بألوان الحقول الخضراء والحمراء والصفراء، بينما يزهو الرجال بجلاليب بيضاء وعُمم تحمل هيبة التقاليد. يقود الرايس الفرقة، يضبط الإيقاع بنغمات البندير الحادة، معلنًا بداية الفرجة.

 “يا جبال الأطلس، يا موطن الجمال،

 رددي أهازيجنا، وانشري الوصال!”،

هكذا ينطلق الشعر، أو “إيزلان”، بلغة بليغة تحمل صورًا شاعرية. ترد المجموعة الأبيات بنسق جماعي، أصوات الرجال والنساء تتعاقب في انسجام يعكس المساواة، روح الأخوة، والفرح الذي يزدهر في القلوب:

“يا أختي، يا أخي، في الأطلس نلتقي،

 يدٌ بيدٍ نسير، والفرحة تنبض فينا”.

تتحول الحركات إلى لوحة فنية، أكتاف تتمايل، أيادٍ وأرجل تتحرك بانسجام، كل خطوة تحكي قصة. ترحيب بالضيف، احتفاء بالطبيعة، تمجيد لشجاعة الفرسان، وإشادة بنضال النساء.

“أيها الضيف العزيز، مرحبًا بك في دارنا،

 أحيدوس يحييك، وقلوبنا تناديك”،

بهذه الكلمات يستقبل الراقصون الزوار، وأصداء الأهازيج تملأ فضاء إفران الرحب.

تتدفق الإيقاعات كنهر بين الجبال، من الخماسي إلى الثنائي والرباعي، في تنوع يحاكي الحياة نفسها. ومع اقتراب الرقصة من ختامها، تتحول الأشعار إلى دعوات للغفران والسلام:

“نسامح ونتآخى، في أحيدوس نلتقي،

 بالخير نختتم، وبالأمل نرتقي”.

إنها طقوس تطهير وتفاؤل تجعل من أحيدوس احتفالية روحية، أكثر من مجرد رقصة.يحتضن مهرجان إفران الدولي هذا الفن كجسر يربط المحلي بالعالمي، فقد سافر أحيدوس من قمم الأطلس إلى مسارح العالم، من افتتاح كأس العالم في إسبانيا عام 1982 إلى ديزني لاند في فلوريدا، حاملاً تراث الأمازيغ إلى الأفق البعيد.

واليوم، يجمع المهرجان فرقًا من إفران، خنيفرة، الحاجب، مكناس، وبني ملال، في لوحة تحتفي بالتنوع والوحدة. “أحيدوس ليس مجرد رقصة، بل تعبير وجداني لجبال الاطلس”، هكذا وصفه السيد محمد الخولاني مدير جريدة فلاش24 الصادرة من افران.

 وبينما تتردد الأهازيج، يبقى المهرجان شاهدًا على قدرة هذا الفن على جمع الناس، صغارًا وكبارًا، في دائرة من الفرح والانسجام. وبعد زهاء الساعتين، ونظرا لغنى برنامج السهرة، اختتمت رقصة أحيدوس، لكن أصداؤها تظل عالقة في القلوب.

 “يا شمس الأطلس، أشرقي من جديد،

 ويا أحيدوس، احملي أحلامنا بعيد”،

بهذه الكلمات يودع الراقصون الجمهور، تاركين وعدًا بلقاء جديد، حيث سيواصل مهرجان إفران احتفاءه بتراث الأمازيغ، عبر سمفونية أحيدوس التي لا تخبو، تحمل في طياتها قصة شعب متجذر في أرضه، يغني للحياة والأمل..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!