اعتقال الرئيس

بلقاسم امنزو (صحفي)

مباشرة بعد الإعلان، انفض الجميع من حوله وتركوه وحيدا يواجه مصيره، وصموا آذانهم عن مكالماته الهاتفية التي تم تحويلها مباشرة إلى العلبة الصوتية بعد أن وضعوا كل أرقامه في لائحة غير المرغوب فيهم. 

هكذا اختفى المستفيدون من سندات الطلب  (bons de commandes ) واختفى أصحاب الامتيازات والمشاريع الوهمية، والموظفون الأشباح، والمقربون، ولم يعد أي مواطن يسأل عن الرئيس الذي كان يتباهى ويتشدق بامتلاك أتباع وقاعدة انتخابية وجمهور، وكان  يهدد السلطات بالوقفات الاحتجاجية والبلاغات، ويروج بأن الأمور قد تخرج عن السيطرة إذا لم يتدخل لتهدئة الأوضاع. 

كان يناور بهذه الأساليب المافيوزية لكسب عطف بعض رجال السلطة ودعمهم؛ لكي يستمر في الجماعة لجمع المزيد من الأموال، واستثمار بعضها لفبركة ملفات لأبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم عبروا في يوم من الأيام عن نيتهم للترشح لتسيير الشأن المحلي، والمساهمة في تغيير الأوضاع من داخل المؤسسات.

كل من كانوا في محيطه (نساء ورجالا) أصبحوا بين عشية وضحاها يدعمون الرئيس الجديد، ولا يترددون في إغراق سفينة الرئيس المعتقل ونهش لحمه بقولهم : “أنه كان يأكل بوحده” ، ليسمع خلَفُه، ويبادر بتقسيم “الوزيعة” بسخاء وعلى أساس معايير أخرى. 

إنه سيناريو كل الرؤساء الذين تم اعتقالهم بسبب سوء التسيير والرشوة، واستغلال النفوذ، وتضارب المصالح، والسطو على أراض تابعة للأملاك المخزنية والمياه والغابات، والموتى والأحياء بدون حياء.

وإنه المصير الذي سيؤول إليه كل من يسير على نهجهم و”إبداعهم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى