استراتيجية الجزائر في صراعها الدائم المغرب

محمد بنداحة

يحكى أن أمريكيا وفرنسيا وجزائريا كانوا يمشون في منطقة صحراوية مهجورة، وصادفوا في طريقهم وجود علبة قصديرية تبدو فارغة، ضربها أحدهم برجله، فخرج عليهم جني يقول: “شبيك اللبيك، كل شي بين يديك. اللي تطلبه أعطيك منه واحدا، واثنين لجارك”.

طلب الأمريكي طائرة مميزة يتجول بها العالم، فأعطاه واحدة وأهدى اثنتين لجاره الأمريكي، وطلب الفرنسي يختا مميزا يتجول به في بحار العالم، فأعطاه الجني اليخت المطلوب، وأهدى اثنين لجاره الفرنسي، لكن الجزائري طلب شيئا غريبا حيث قال له: “افقع لي عينا”، وهذا يعني أن يفقع الجني لجاره عينين فيرديه أعمى لايبصر.

هذا هو حال الجزائر مع جارها وأخيها المغرب. لايهم أن تشعل النيران في مناطق شاسعة من الجزائر، ولكن الأهم أن تلفق التهم للمغرب وتنزل عليه عقوبات وتتشوه سمعته أمام الجزائريين والمغاربة وجميع الدول، ولايهمها أن تأوي إرهابيين وتنفق عليهم من مال الشعب الجزائري مهما كلفها ذلك من ملايير الدولارات، ولكن الأهم  هو أن تضع الحجرة في حذاء المغرب، وتضع العصا في عجلة تنميته ولايصير قوة إقليمية في المنطقة، ولايهمها أن تطرد 350 ألف مغربي من الجزائر وتخلق الألم لذويهم من الجزائريين بقدر مايهمها خلق أزمة اجتماعية للمغرب، ولايهمها ان تنفق على المرتزقة للتنقل هنا وهناك بقدر مايهمها تعطيل تحرير المغرب لصحرائه وتوسيع قاعدة الخلاف لتعم المعمور كله، ولايهمها أن تتنكر للكرم المغربي والأخوة الجزائرية المغربية بقدر مايهمها أن تكبح جماح المغرب وسيره نحو التقدم والإزدهار، ولايهمها إغلاق الحدود الجزائرية المغربية وقطع أواصر التواصل بين الجزائريين والمغاربة، وحرمان المنطقة من التنمية المنشودة وحق الشعوب في تقرير مصيرها بقدر مايهمها ضرب النظام الملكي المغربي وإحراجه مع شعبه، ولايهمها قطع أنبوب الغاز المغرب العربي وعدم تجديد عقدته وحرمان الجزائر من فوائده بقدر ما يشغل بابها رغبتها في إصابة المغرب بضربة اقتصادية واجتماعية، ولايهمها إغلاق الأجواء الجزائرية أمام الطيران المغربي وقطع علاقتها مع المغرب وحرمان الجزائر والجزائريين من التعاون الجزائري والمغربي الذي كافح من أجله الشهداء الجزائريون والمغاربة بقدر مايهمها حرمان المغرب من الاستفادة من كل شيء جزائري، ولايهمها أن تظهر أمام العالم بمظهر الكاذب الآثم بقدر ما يهمها إشاعة الفتنة والشك في الشعبين المغربي والجزائري بما يخدم بقاء العصابة على الكرسي لمضايقة النظام الملكي والتشويش عليه…

“وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ”. منذ سنة 1962 وعصابات الجزائر تكيل المغرب شرا، وتنتظر بشوق كبير أن يتم فقع عيني جارها المغرب، لكنه بقي يقظا متفطنا معبأة مكوناته، سائرا في طريقه منتصب القامة، مرفوع الهامة يمشي ويحقق المكتسبات تلو المكتسبات، وأرجع اعتداءاتها تحفيزا له، ووجد التحالف والخير في غيرها، ولاخوف عليه ولاهم يحزنون، ولأنه لايحيق المكر السيء إلا بأهله، فقد تم فعلا فقع عين الجزائر كما طلبت، وبقيت العين الأخرى معمشة ذات بأس شديد ونظرها غير سديد وغير بعيد، تتجرع المآسي تلو المآسي، تخبط خبط عشواء وتتلون بألوان الحرباء، ترقص رقصة الديك المذبوح، ملتوية التواء الأفعى حول المنشار، فلاهي تغلبت على المنشار ولاهي سلمت من جراحه… موضوعة في غرفة الإنعاش، وإذا حل أجلها فالعزاء في الشيراتون، والحاضر يبلغ الغائب…  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى