إغلاق سلسلة “بـ لبن” لجميع فروعها في العالم العربي.. ما القصة؟

في خبر صادم لعشاق المشروبات والحلويات المصرية الأصيلة، أعلنت سلسلة “بـ لبن”، إحدى أبرز العلامات التجارية في قطاع الأغذية والمشروبات في العالم العربي، عن إغلاق جميع فروعها البالغ عددها 110 فروع في مصر وعدة دول عربية أخرى. هذا القرار، الذي أُعلن رسميًا في 18 أبريل 2025، أثار موجة من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الانهيار المفاجئ لكيان تجاري كان يُعد نموذجًا مصريًا ناجحًا. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل القرار، تداعياته، والأسباب المحتملة التي أدت إلى هذا المصير.

رحلة “بـ لبن”: من النجاح الإقليمي إلى الإغلاق الشامل

بدأت سلسلة “بـ لبن” كمبادرة مصرية 100%، حيث تأسست لتقديم تجربة فريدة تجمع بين المشروبات التقليدية مثل الأرز باللبن والعصائر الطازجة بجودة عالية وأسعار تنافسية. خلال سنوات قليلة، تمكنت العلامة من التوسع إلى 9 دول عربية، بما في ذلك السودية والمغرب، لتصبح رمزًا للابتكار المصري في قطاع الأغذية. ومع ذلك، بدأت بوادر الأزمة تظهر مع إغلاق فروع في السعودية، تلتها المغرب، وأخيرًا مصر، حيث توقف نشاط الشركة بالكامل، بما في ذلك فروعها الـ110 ومصانعها ومنشآتها التي كانت توظف حوالي 25,000 موظف مصري.

وفقًا لبيان الشركة، فإن إغلاق الفروع لم يكن مجرد قرار تشغيلي، بل نتيجة “غياب القدرة على الاستمرار أو الوفاء بالالتزامات التشغيلية”. وقد وجهت الشركة نداءً عاجلاً إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء، مطالبة بالتدخل لإنقاذ هذا الكيان الوطني الذي كان يسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المصري من خلال التشغيل والاستثمار والتوسع الإقليمي.

الأسباب المحتملة: أزمات متراكمة أم سوء إدارة؟

لم تُفصح الشركة بشكل واضح عن الأسباب الدقيقة للإغلاق، لكن هناك عدة عوامل محتملة يمكن استنتاجها بناءً على السياق الاقتصادي والتشغيلي:

  1. أزمات اقتصادية: تشهد مصر تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك ارتفاع التضخم وتكاليف التشغيل، مما يؤثر على الشركات التي تعتمد على سلاسل توريد معقدة. قد تكون “بـ لبن” واجهت صعوبات في تغطية تكاليف المواد الخام، الطاقة، والعمالة، خاصة مع الضغوط المالية العالمية التي أثرت على الأسواق العربية.
  2. مشكلات تشغيلية: أشارت تقارير متداولة في وقت سابق إلى شكاوى من تسمم غذائي مرتبط بفروع “بـ لبن” في السعودية، مما أدى إلى إغلاق فروعها هناك واختفاء تطبيقها من منصات التوصيل. هذه الحوادث قد تكون أضرت بسمعة العلامة وأثرت على ثقة العملاء، مما قلل من الإيرادات.
  3. التوسع السريع: قد يكون التوسع الإقليمي السريع للشركة قد وضعها تحت ضغط مالي وإداري كبير. فالتشغيل في 9 دول يتطلب بنية تحتية قوية وقدرة على إدارة التحديات اللوجستية والتنظيمية في كل سوق، وهو ما قد يكون قد فاق قدرات الشركة.
  4. التأثير الإقليمي: أكدت “بـ لبن” أن توقف نشاطها في مصر أدى إلى تعطل عملياتها في الأسواق العربية الأخرى،

التداعيات: خسارة اقتصادية واجتماعية

إغلاق “بـ لبن” ليس مجرد خسارة تجارية، بل كارثة اقتصادية واجتماعية. فقدان 25,000 فرصة عمل في مصر يمثل ضربة قوية للعديد من الأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. كما أن توقف نشاط الشركة يؤثر على سلاسل التوريد المحلية، بما في ذلك المزارعين وموردي المواد الخام، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية.

على المستوى الإقليمي، يهدد هذا الإغلاق بفقدان حضور علامة مصرية ناجحة في الأسواق العربية، مما قد يضعف صورة مصر كمصدر للعلامات التجارية التنافسية. وقد أشار بيان الشركة إلى أن “بـ لبن” ليست مجرد شركة، بل “كيان وطني” يعكس قدرة مصر على الابتكار والتوسع، مما يجعل سقوطها خسارة رمزية أيضًا.

هل هناك أمل في الإنقاذ؟

نداء “بـ لبن” إلى الرئيس السيسي يعكس محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. تدخل الحكومة المصرية قد يشمل تقديم دعم مالي، إعادة هيكلة الديون، أو تسهيلات تشغيلية للسماح للشركة باستئناف نشاطها. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الشركة على معالجة الأسباب الجذرية لأزمتها، سواء كانت إدارية، مالية، أو متعلقة بالسمعة.

خاتمة: درس في الاستدامة التجارية

قصة “بـ لبن” تُعد درسًا قاسيًا في أهمية الاستدامة التجارية. فالنجاح السريع والتوسع الطموح لا يكفيان إذا لم يترافقا مع إدارة حكيمة وبنية مالية صلبة. كما أن هذا الحدث يسلط الضوء على الحاجة إلى دعم القطاع الخاص في مصر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية. في الوقت الحالي، يبقى مصير “بـ لبن” معلقًا، لكن آمال عشاقها وموظفيها تتعلق بإمكانية إحياء هذا الكيان الذي كان يومًا فخرًا مصريًا.

المصادر:

  • تقارير من “المصري اليوم” بتاريخ 18 أبريل 2025 لتفاصيل الإغلاق ونداء الشركة.
  • منشورات على منصة إكس لفهم السياق المتداول حول الأزمة، بما في ذلك تقارير عن تسمم غذائي في السعودية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى