إصلاحات دستورية جريئة: المجلس الوزاري يصادق على مشاريع قوانين تنظيمية لتعزيز صلاحيات المحكمة الدستورية

الرباط – 19 اكتوبر 2025

في خطوة تعزز من استقلالية القضاء وفعالية النظام الدستوري، صادق المجلس الوزاري الذي ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025، بالقصر الملكي بالرباط، على مشروعي قوانين تنظيميين آخرين ضمن الأربعة المعتمدة في الجلسة. ويهدفان إلى تحديد آليات الدفع بعدم دستورية القوانين، وتعديل إطار عمل المحكمة الدستورية، مما يعكس التزام المملكة بتنزيل أحكام الدستور وتحسين آليات الرقابة القضائية، في سياق يهدف إلى تعزيز حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.

وفقاً لبلاغ الديوان الملكي، جاءت هذه المصادقة كجزء من أعمال المجلس الذي ركز على الإصلاحات التنظيمية الجوهرية، لتكون خطوة إضافية نحو تعميق الديمقراطية والحكامة الرشيدة. ويأتي ذلك بعد الاتفاق على التوجهات المالية لسنة 2026 وعلى مشاريع تتعلق بمجلس النواب والأحزاب السياسية، مما يشكل حزمة متكاملة من الإصلاحات السياسية والقضائية.

تنزيل الفصل 133: آليات الدفع بعدم دستورية القوانين

يتعلق المشروع الأول بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، ويندرج مباشرة في إطار تنزيل أحكام الفصل 133 من الدستور، الذي خول المحكمة الدستورية صلاحية البت في مثل هذه الدفوع المثارة من أحد أطراف النزاع في قضية ما، خاصة إذا كان القانون المعني يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور. ويهدف هذا المشروع إلى توفير إطار قانوني واضح وفعال لممارسة هذه الصلاحية، مما يعزز من دور المحكمة كحارس أول للدستورية.

ويأخذ المشروع بعين الاعتبار قرارات سابقة للمحكمة الدستورية اعتبرت فيها بعض الأحكام مخالفة للدستور، ليضمن تطبيقاً أكثر دقة وشمولاً لهذه الآليات. ومن المتوقع أن يساهم هذا الإصلاح في تقليص النزاعات القضائية المتعلقة بالدستورية، وتعزيز الثقة في النظام القانوني، خاصة في المجالات الحساسة مثل الحريات العامة والحقوق المدنية. ويُنظر إليه كأداة وقائية لمنع صدور قوانين مخالفة، مما يدعم مبدأ سيادة القانون في المملكة.

تحسين أداء المحكمة الدستورية: إصلاحات في الانتخابات والإجراءات

أما المشروع الثاني، فيتعلق بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، بهدف الرفع من فعالية أدائها وتحسين قواعد اشتغالها. ويشمل ذلك تحديد الجهة المختصة بالطعن في عملية ونتائج انتخابات أعضاء المحكمة المنتخبين من لدن أعضاء مجلسي البرلمان، مما يضمن آليات رقابة أكثر شفافية وكفاءة.

كما يقترح المشروع إعفاء المحكمة الدستورية من مهمة تبليغ قراراتها المتعلقة بالطعون الانتخابية الخاصة بانتخابات أعضاء مجلسي البرلمان إلى الأطراف المعنية، وإسناد هذا الاختصاص إلى السلطة المكلفة بتلقي التصريحات بالترشيح لهذه الانتخابات. ويهدف ذلك إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتسريع البت في النزاعات، مع الحفاظ على استقلالية المحكمة في مهامها الجوهرية.

بالإضافة إلى ذلك، يضيف المشروع مقتضى جديداً ينص على أن العضو المعين أو المنتخب الذي يحل محل عضو آخر قبل انتهاء مدة انتدابه لأي سبب من الأسباب، لا يمكن إعادة تعيينه أو انتخابه في المحكمة إذا كانت الفترة التي استكملها تفوق ثلاث سنوات. وتُعد هذه التدبير خطوة لضمان تجديد دائم للأعضاء، ومنع الاستمرارية غير المبررة، مما يعزز من التوازن والكفاءة داخل المؤسسة الدستورية.

يُبرز هذان المشروعان التزام المغرب بتعزيز دوره كدولة دستورية حديثة، حيث تكون المحكمة الدستورية عموداً فقرياً للحماية القانونية. ويأمل المتخصصون في القانون الدستوري أن يُقر هذه المشاريع قريباً من قبل البرلمان، لتمثل نقلة نوعية في آليات الرقابة والحكامة، وتساهم في تعزيز الاستقرار السياسي والقضائي في المملكة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!