إسرائيل تقصف قلب دمشق: تصعيد خطير وسط اتهامات بانتهاك القانون الدولي

في تصعيد غير مسبوق، نفذت إسرائيل يوم الأربعاء 15 يوليوز 2025 غارات جوية استهدفت مقر هيئة الأركان العامة للجيش السوري في دمشق، بالإضافة إلى مواقع قريبة من القصر الرئاسي ووزارة الدفاع. أسفرت الضربات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 34 آخرين، وفقًا لوسائل الإعلام السورية، فيما أثارت الغارات جدلًا واسعًا حول شرعيتها بموجب القانون الدولي.

جاءت الضربات في ظل توترات متصاعدة في محافظة السويداء جنوبي سوريا، حيث اندلعت اشتباكات بين ميليشيات درزية وقوات الحكومة السورية بعد انهيار هدنة أُعلنت يوم الثلاثاء. وبدأت الأزمة يوم الأحد عندما هاجمت قبائل بدوية مسلحة رجلاً درزيًا، مما أدى إلى تصعيد النزاع وتدخل القوات الحكومية. أعلنت إسرائيل أن غاراتها تهدف إلى “حماية الطائفة الدرزية” ومنع تقدم القوات السورية نحو السويداء، التي تُعتبر مركزًا رئيسيًا للأقلية الدرزية.

أدانت الحكومة السورية الضربات الإسرائيلية، واصفة إياها بـ”العدوان السافر” وانتهاك لسيادتها. كما انضمت عدة دول عربية إلى الإدانة، مؤكدة أن التدخل الإسرائيلي ينتهك القانون الدولي. ودعت وزارة الخارجية السورية أهالي السويداء إلى “الالتفاف حول الجيش السوري” وتجنب “المشاريع المشبوهة”، في إشارة غير مباشرة إلى الدعم الإسرائيلي للدروز.

من منظور القانون الدولي، تثير الضربات الإسرائيلية تساؤلات حول مدى التزامها بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، خاصة حظر استخدام القوة ضد سيادة الدول. إسرائيل بررت تدخلها بحماية الأقلية الدرزية ومنع تهديدات قرب حدودها، لكن غياب تهديد مباشر ووشيك يضعف تبرير الدفاع عن النفس بموجب المادة 51. كما أن الخسائر المدنية واستهداف مواقع حساسة مثل مقر هيئة الأركان يثيران مخاوف بشأن التناسبية والتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.

يُعتبر استهداف مقر هيئة الأركان السورية، وهو مركز القيادة الرئيسي للجيش السوري، خطوة رمزية تحمل رسائل سياسية قوية. وأشار محللون إلى أن إسرائيل ربما تسعى إلى إضعاف النظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، أو إلى تعزيز نفوذها في المنطقة عبر دعم الدروز. كما أن تدخل أفراد من الطائفة الدرزية من إسرائيل لدعم الميليشيات الدرزية في سوريا يعقد المشهد، ويزيد من مخاطر التصعيد الإقليمي.

تُعد هذه الضربات جزءًا من سلسلة هجمات إسرائيلية متكررة في سوريا منذ الإطاحة ببشار الأسد، مما يعكس استراتيجية إسرائيلية لمنع أي تهديدات محتملة قرب حدودها. لكن تصاعد التدخل العسكري في قلب دمشق قد يفتح الباب أمام مواجهات أوسع، خاصة في ظل التوترات المستمرة في المنطقة.

تشكل الضربات الإسرائيلية على دمشق تطورًا خطيرًا في الصراع السوري، وتثير جدلاً قانونيًا وسياسيًا معقدًا. بينما تدعي إسرائيل حماية الأقليات، ترى سوريا والمجتمع الدولي أن هذه الأفعال تنتهك سيادتها. مع استمرار التوترات في السويداء، يبقى السؤال: هل ستؤدي هذه الضربات إلى استقرار المنطقة أم إلى مزيد من التصعيد؟

ملاحظة :

من منظور القانون الدولي، يمكن تقييم الضربات الإسرائيلية على مقر هيئة الأركان السورية من خلال عدة مبادئ أساسية:

  1. سيادة الدول:
    • بموجب ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2، الفقرة 4)، يُحظر على الدول استخدام القوة أو التهديد بها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة. الضربات الإسرائيلية على أهداف عسكرية في دمشق، بدون موافقة الحكومة السورية، تُعتبر انتهاكًا لسيادة سوريا.
    • سوريا ودول عربية أخرى أدانت هذه الضربات، معتبرة إياها خرقًا للقانون الدولي، حيث لم تُصدر الأمم المتحدة أي تفويض يسمح لإسرائيل بالتدخل العسكري في سوريا.
  2. الدفاع عن النفس:
    • المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تتيح للدول حق الدفاع عن النفس إذا تعرضت لهجوم مسلح. إسرائيل بررت ضرباتها بأنها تهدف إلى “حماية الطائفة الدرزية” ومنع تهديدات محتملة بالقرب من حدودها الشمالية.
    • ومع ذلك، فإن تبرير الدفاع عن النفس يتغاضى عن عدة شروط قانونية، مثل ضرورة وجود تهديد مباشر ووشيك ضد إسرائيل، وتناسبية الرد. لا توجد أدلة واضحة في التقارير تشير إلى أن مقر هيئة الأركان السورية كان يشكل تهديدًا مباشرًا لإسرائيل، مما يجعل هذا التبرير محل جدل قانوني.
  3. التناسبية والتمييز:
    • بموجب القانون الإنساني الدولي (اتفاقيات جنيف)، يجب أن تكون الهجمات العسكرية متناسبة مع التهديد وتميز بين الأهداف العسكرية والمدنية. استهداف مقر هيئة الأركان العامة، وهو هدف عسكري، قد يُعتبر مشروعًا إذا كان يسهم في عمليات عسكرية ضد إسرائيل. لكن الضربات القريبة من القصر الرئاسي ووزارة الدفاع، التي أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين (3 قتلى و34 جريحًا)، تثير تساؤلات حول التناسبية والتمييز، خاصة إذا كانت الأضرار الجانبية غير مبررة.
  4. التدخل الإنساني:
    • إسرائيل زعمت أن تدخلها يهدف إلى حماية الأقلية الدرزية، مما قد يُفسر على أنه تدخل إنساني. لكن القانون الدولي لا يعترف رسميًا بحق التدخل الإنساني دون موافقة مجلس الأمن الدولي، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة. كما أن الدافع الإنساني يبدو مشكوكًا فيه، حيث أشارت تقارير إلى أن إسرائيل قد تسعى إلى إضعاف النظام السوري الجديد أو تحقيق أهداف استراتيجية أخرى، مثل منع تخزين أسلحة أو تعزيز النفوذ في المنطقة.
  5. سابقة التدخلات الإسرائيلية:
    • إسرائيل نفذت ضربات متكررة في سوريا منذ الإطاحة ببشار الأسد، مستهدفة مواقع يُزعم أنها تخزن أسلحة. هذه الضربات غالبًا ما تُبرر بأهداف أمنية، لكنها تثير انتقادات واسعة لانتهاكها سيادة سوريا. الضربة على مقر هيئة الأركان تُعتبر استثنائية بسبب رمزيتها وموقعها في قلب دمشق، مما يعزز الانطباع بأن إسرائيل تسعى إلى إرسال رسالة سياسية وعسكرية قوية إلى النظام السوري الجديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!