زلزال الأسد وإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط: ثلاث دول قد تختفي ودولة جديدة قد تظهر

د. عماد أبوخزام
في 8 ديسمبر 2024، شهد الشرق الأوسط حدثًا فارقًا بإعلان سقوط نظام بشار الأسد رسميًا بعد أكثر من عقد من الصراعات والأزمات التي أنهكت الدولة السورية.
هذا السقوط لم يكن مجرد نهاية لنظام سياسي، بل كان زلزالًا سياسيًا غير مسبوق ستظهر تبعاته المدمرة في السنوات القادمة. سقوط الأسد يعيد فتح النقاش حول إعادة رسم خارطة المنطقة، خاصة وأن الأحداث الأخيرة تبدو وكأنها تتحقق وفق رؤية بنيامين نتنياهو التي طرحها في كتابه “مكافحة الإرهاب” الصادر عام 1995.
نتنياهو ورؤيته لتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط في كتابه، دعا بنيامين نتنياهو إلى تغيير جميع الأنظمة التي وصفها بأنها “داعمة للإرهاب ومعادية لإسرائيل”، واستبدالها بأنظمة ديمقراطية موالية للغرب. الدول التي حددها نتنياهو شملت: إيران، العراق، سوريا، لبنان، وليبيا. واليوم، بعد نحو ثلاثة عقود، يمكن القول إن أغلب هذه الدول شهدت تغييرات عميقة، بينما لم يتبق سوى إيران كالنظام الوحيد الذي لم يطله التغيير الجذري، وإن كانت الرياح التي تهب على المنطقة تشير إلى أن دورها قد يكون قريبًا.
ما تحقق من رؤية نتنياهو حتى الآن؟
1.العراق: سقط نظام صدام حسين عام 2003 بعد الغزو الأمريكي، وتحولت الدولة إلى ساحة للصراع الطائفي والسياسي، مما أدى إلى تراجع دورها الإقليمي وانقسامها الداخلي.
2.ليبيا: أطاحت الثورة الليبية بنظام معمر القذافي عام 2011 بدعم من حلف الناتو، لكن البلاد دخلت في دوامة من الفوضى والانقسام، حيث تتصارع حكومتان وقوى مسلحة على السلطة حتى اليوم.
3.سوريا: في ديسمبر 2024، سقط نظام بشار الأسد بعد سنوات من الحرب الأهلية والتدخلات الدولية. انهيار الأسد ترك فراغًا سياسيًا كبيرًا في سوريا، التي لم يظهر حتى الآن بديل موحد لقيادتها. هذا السقوط أتاح لإسرائيل تعزيز سيطرتها على أراضٍ استراتيجية، بما فيها جبل الشيخ في الجنوب السوري.
4.لبنان: يواجه حزب الله، الحليف الأقوى لإيران في لبنان، ضغوطًا غير مسبوقة وسط أزمة اقتصادية خانقة تهدد وجوده. الوضع الداخلي في لبنان يزيد من ضعف هذا البلد، الذي يعاني من انهيار مؤسسات الدولة.
إيران: الهدف القادم؟
إيران، القوة الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط، لا تزال في مرمى الاستهداف الإسرائيلي والأمريكي. منذ سنوات، تسعى إسرائيل للإطاحة بالنظام الإيراني باعتباره التهديد الأكبر لأمنها. ومع تغير الظروف الإقليمية والدولية، يبدو أن الفرصة أصبحت مواتية لتحقيق هذا الهدف:
1.روسيا: حليف إيران الأساسي في أضعف حالاته بسبب حرب أوكرانيا والعقوبات الغربية، مما يقلل من قدرتها على دعم طهران في حال وقوع صراع.
2.سوريا: خسرت إيران أحد أهم حلفائها بسقوط نظام الأسد، مما أدى إلى تقليص نفوذها في المنطقة وتهديد وجودها العسكري في سوريا.
3.حزب الله: يتراجع نفوذ الحزب داخل لبنان تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والضغوط الدولية، مما يزيد من عزلة إيران.
4.عودة ترامب إلى البيت الأبيض: في نوفمبر 2024، فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية ليعود إلى البيت الأبيض في 2025.
ترامب، المعروف بأنه من أكثر رؤساء الولايات المتحدة دعمًا لإسرائيل، تعهد خلال حملته الانتخابية بمواجهة النظام الإيراني والضغط عليه حتى الإطاحة به. عودته تعزز من احتمالية تبني سياسات أمريكية أكثر حدة تجاه إيران، بما في ذلك تصعيد العقوبات وربما دعم تدخل عسكري.
السيناريو القادم: ثلاث دول قد تختفي ودولة جديدة قد تظهر
إذا تحقق السيناريو الذي تخشاه إيران، فإن عواقب الإطاحة بنظامها ستكون كارثية على المنطقة، ومن أبرز تداعياته:
1.تفكك الدول المحورية:
•إيران: قد تنقسم إلى دويلات عرقية ودينية، مثل دولة كردية في الشمال الغربي، ودولة بلوشية في الجنوب الشرقي، ودولة فارسية في المركز.
•العراق وسوريا: ستتلاشى كدول موحدة. شمال العراق قد يصبح جزءًا من دولة كردية، بينما تتوسع إسرائيل لتسيطر على منابع المياه في سوريا والعراق.
2.ظهور دولة كردية: الدولة الكردية قد تمتد من أربيل في العراق إلى شمال سوريا، مما يخلق تهديدًا مباشرًا لتركيا، التي ستجد نفسها في مواجهة كيان جديد يطالب بحقوقه التاريخية داخل أراضيها.
3.توسع إسرائيلي: ستسعى إسرائيل إلى تعزيز سيطرتها على الموارد الاستراتيجية، بما في ذلك منابع المياه مثل نهري دجلة والفرات. كما قد تصبح إسرائيل الدولة الأقوى في المنطقة، مع توسع جغرافي وسيطرة على مزيد من الأراضي.
4.إضعاف تركيا: مع تصاعد الصراع الكردي، قد تسعى إسرائيل والولايات المتحدة لإخراج تركيا من حلف الناتو كخطوة استراتيجية لإعادة تشكيل المنطقة.